عليه من المطالب. واما ما ذكره من الحمل على ترك ما أمر الله تعالى فإنه لا يخفى على من تأمل الأخبار التي أوردناها ان الكفر المنسوب إلى هؤلاء انما هو من حيث الإمامة وتركها وعدم القول بالإمامة. ولا يخفى ان الترك لشيء من ضروريات الدين ان كان انما هو ترك استخفاف وتهاون فصاحبه لا يخرج عن الايمان كترك الصلاة والزكاة ونحوهما وان أطلق عليه الكفر في الاخبار كما ذكره تغليظا في المنع من ذلك ، وان كان عن جحود وإنكار فلا خلاف في كفر التارك كفرا حقيقيا دنيا وآخرة ولا يجوز إطلاق اسم الإسلام عليه بالكلية كمن ترك الصلاة ونحوها كذلك ، والأخبار المتقدمة كما عرفت قد صرحت بكون كفر هؤلاء انما هو من حيث جحود الإمامة وإنكارها لا ان ذلك استخفاف وتهاون مع اعتقاد ثبوتها وحقيتها كالصلاة ونحوها فإنه لا معنى له بالنسبة إلى الإمامة كما لا يخفى ، وحينئذ فليختر هذا القائل اما ان يقول بكون الترك هنا ترك جحود وإنكار فيسقط البحث ويتم ما ادعيناه واما ان يقول ترك استخفاف وتهاون فمع الإغماض عن كونه لا معنى له فالواجب عليه القول بإيمان المخالفين لان الترك كذلك لا يوجب الخروج عن الايمان كما عرفت ولا أراه يلتزمه.
واما ما يدل على نصبهم فمنه ما تقدم نقله في كلام شيخنا الشهيد الثاني من حديث عبد الله بن سنان (١) ونحوه ايضا ما رواه الصدوق في معاني الأخبار (٢) بسند معتبر عن معلى بن خنيس قال : «سمعت أبا عبد الله (عليهالسلام) يقول ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لأنك لا تجد أحدا يقول انا أبغض آل محمد ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم انكم تتولونا وتتبرؤون من أعدائنا». وروى ابن إدريس في مستطرفات السرائر مما استطرفه من كتاب مسائل الرجال ومكاتباتهم لمولانا ابي الحسن علي بن محمد الهادي (عليهالسلام) في جملة مسائل محمد بن علي بن عيسى (٣) قال : «كتبت اليه
__________________
(١) ص ١٧٧.
(٢) ص ١٠٤.
(٣) رواه عنه في البحار ج ٣ من المجلد ١٥ ص ١٤ وفي الوافي ج ٢ ص ٥٦.