ولا سيما موثقة سماعة الدالة على انها كأبوال الإنسان ، ويقرب منها حسنة محمد بن مسلم الدالة على الأمر بغسله أولا ومع جهل موضعه غسل الثوب كله ومع الشك بنضحه ، فهل يبلغ الأمر في الاستحباب المؤذن بالطهارة الى هذه المرتبة؟ بل نظير ذلك انما جاء في النجاسة المحققة المعلومة كما في حسنة الحلبي عن الصادق (عليهالسلام) (١) قال : «إذا احتلم الرجل فأصاب ثوبه مني فليغسل الذي أصابه فإن ظن أنه أصابه مني ولم يستيقن ولم ير مكانه فلينضحه بالماء وان استيقن انه قد اصابه ولم ير مكانه فليغسل ثوبه كله فإنه أحسن».
ومن العجيب ما ذكره في المعالم هنا حيث انه أيد حمل الأمر بالغسل في حسنة محمد بن مسلم على الاستحباب بالأمر بالنضح فيها حيث انه للاستحباب ، قال بعد نقل كلام الشيخ الذي قدمناه : «وحاصله ان الأخبار متعارضة في هذا الباب وحمل روايات النجاسة على استحباب الإزالة طريق الجمع سيما بقرينة الرواية التي رواها أخيرا وامره في حسنة محمد بن مسلم بالنضح مع الشك وهو للاستحباب باعتراف الخصم ، مع انه وقع في الحديث مجردا عن القرينة الدالة على ذلك فلا بعد في كون الأوامر الواقعة في صحبته مثله ، بل المستبعد من الحكيم سوق الكلام على نمط يعطي الاتفاق في الحكم والحال على الاختلاف» انتهى.
أقول : أنت خبير بما فيه من التمحل الظاهر والتكلف الذي لا يخفى على الخبير الماهر ، فان القرينة على الاستحباب في النضح ظاهرة وهو يقين الطهارة وان الأصل ذلك كما هو القاعدة المسلمة التي لا يجوز الخروج عنها إلا مع يقين النجاسة ، وانما أمر بالنضح لدفع توهم الوسوسة كما في جملة من موارد النضح مع يقين الطهارة ، ولو تم ما ذكره للزم مثله في حسنة الحلبي التي ذكرناها وهو لا يقول به ، وما ذكره ـ من انه يستبعد من الحكيم. إلخ ـ مسلم لو لم تكن هنا قرينة والقرينة ظاهرة كما عرفت ، واما قوله
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ١٦ من أبواب النجاسات.