في تأييد الحمل على الاستحباب وانه طريق الجمع ـ : «لا سيما بقرينة الرواية التي رواها أخيرا» مشيرا إلى رواية زرارة ـ فستعرف ما فيه ان شاء الله تعالى.
(الثالث) ـ ان لحومها حلال وان كان مكروها وكل ما كان كذلك فبوله وروثه طاهر ، اما الصغرى فاتفاقية نصا وفتوى ، واما الكبرى فلما رواه زرارة في الحسن (١) «انهما قالا لا تغسل ثوبك من بول شيء يؤكل لحمه». وما رواه عمار في الموثق عن الصادق (عليهالسلام) (٢) قال : «كل ما أكل فلا بأس بما يخرج منه».
والجواب ان المستفاد من الاخبار على وجه لا يعتريه بعد التأمل الإنكار ان المراد بمأكول اللحم في هذا المقام انما هو بمعنى ما كان مخلوقا للأكل لا ما كان حلالا كما توهموه وصار منشأ الشبهة لهم في هذه المسألة ، فإن هذه الدواب الثلاث انما خلقت لأجل الركوب والزينة كما دلت عليه الآية الشريفة «وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً» (٣) ومن أوضح الأدلة وأصرحها فيما قلناه ما رواه العياشي في تفسيره عن زرارة عن أحدهما (عليهماالسلام) (٤) «انه سأله عن أبوال (الْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ؟) قال فكرهها فقال أليس لحمها حلالا؟ فقال أليس قد بين الله تعالى لكم : (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ) (٥) وقال : والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة. فجعل للأكل الأنعام التي نص الله تعالى في الكتاب وجعل للركوب الخيل والبغال والحمير ليس لحومها بحرام ولكن الناس عافوها». ومن هذه الرواية يتضح معنى الرواية التي تمسك بها الشيخ (قدسسره) واتباعه فقال في كلامه المتقدم : «فجاء هذا الخبر مفسرا لهذه الاخبار» والمراد بالكراهة في الروايتين انما هو النجاسة ، وبيانه انه لما سأله عن أبوال هذه الدواب فكرهها ـ يعني نجسها وحكم بنجاستها ـ استبعد زرارة ذلك لما تقرر عنده من أنها مأكولة اللحم وان كل ما كان مأكول اللحم فبوله وروثه طاهر فراجع في الجواب فقال :
__________________
(١ و ٢) رواه في الوسائل في الباب ٩ من أبواب النجاسات.
(٣) سورة النحل ، الآية ٨.
(٤) البحار ج ١٨ ص ٢٦.
(٥) سورة النحل. الآية ٥.