من المحل بالعرق أو خروج شيء من الذكر فينجس بملاقاة المحل بان ينسب ذلك الى الريق الذي وضعه ، ولو صح ما ذكره لم يكن لهذا الاحتمال مجال بالكلية مع انه قد اعترف به وعلى تقديره يبطل به أصل قاعدته.
وبما ذكرناه من هذا التحقيق وأوضحناه من البيان الواضح الرشيق يظهر لك ايضا ما في كلام شيخنا الشهيد في الذكرى حيث قال : وخبر حنان «يمسحه بريقه فإذا وجد بللا فمنه» متروك. انتهى إذ لا وجه لتركه مع وجود معنى صحيح يحمل عليه كما أوضحناه ، والظاهر انه فهم من الخبر كون مسحه بالريق مطهرا من البول عند فقد الماء ولا ريب انه بهذا المعنى متروك إجماعا ، ولو كان صريح الدلالة في ذلك لأمكن حمله على التقية كما احتمله في المدارك لموافقته لمذهب أبي حنيفة من جواز إزالة النجاسة بكل مائع ، هذا.
واما الاخبار التي ادعى أوفقية هذا التأويل بها فهي غير ظاهرة فيما ادعاه ، فمنها صحيح العيص بن القاسم (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن رجل بال في موضع ليس فيه ماء فمسح ذكره بحجر وقد عرق ذكره وفخذاه؟ قال يغسل ذكره وفخذيه». وهي بالدلالة على ما ندعيه أقرب وبالرد عليه فيما ذهب إليه أنسب ، وذلك فان الظاهر ان جملة «وقد عرق ذكره» معطوفة على ما تقدمها دون ان تكون حالا كما سيأتي توضيحه ، وحينئذ فتدل الرواية على ان العرق انما وقع بعد البول ومسح الذكر فأمر (عليهالسلام) بغسل الذكر والفخذين لذلك العرق المتعدي من مخرج البول بعد مسحه.
وبذلك يظهر ما في كلام شيخنا المحقق صاحب رياض المسائل حيث قال في الكتاب ـ بعد نقل خبر حنان المذكور ثم موثقة سماعة الآتية وتأويلهما ـ ما هذا لفظه : ولبعض المعاصرين هنا كلام غريب هو ان المحل النجس إذا أزيل عنه عين النجاسة بغير المطهر الشرعي فلا
__________________
(١) رواه في الوسائل في الباب ٢١ من أحكام الخلوة و ٢٦ من أبواب النجاسات.