تتعدى نجاسته إلى الملاقي ولو مع الرطوبة لأن النجس انما هو عين النجاسة لا المتنجس وجعل هذين الخبرين شاهدا على ذلك ، وهو كلام متين ان لم يقم الإجماع على خلافه ولم يكن ما دل عليه موافقا للعامة وقابلا للتأويل بما ذكرناه ، وأيضا ففي دلالة الخبر الأول على ما ادعاه تأمل ، ويمكن ان يستدل له بما هو أوضح سندا ومتنا وهو صحيح العيص بن القاسم (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن رجل بال في موضع ليس فيه ماء فمسح ذكره بحجر وقد عرق ذكره وفخذاه؟ قال يغسل ذكره وفخذيه. وسألته عن من مسح ذكره بيده ثم عرقت يده فأصاب ثوبه يغسل ثوبه؟ قال لا». بان يقال الفرق بين الذكر والفخذ عند عرقهما قبل التطهير الشرعي وبين الثوب عند اصابته لعرق اليد الماسحة للذكر قبله بالأمر بغسلهما دونه لا وجه له ظاهرا سوى الفرق بين ما يلاقي المتنجس وما يلاقي عين النجاسة ، فإن غسلهما انما هو لملاقاتهما بالرطوبة للمحل النجس قبل زوال عين النجاسة بالمسح بالحجر كما يرشد اليه وأو الحال ، وذلك يقتضي تعديها من المحل الى ما يجاوره ويلاصقه من بقية اجزاء الذكر والفخذ بخلاف الثوب فان ملاقاته انما وقعت بالمتنجس وهي اليد الماسحة بعد زوال عين النجاسة عن الماسح والممسوح. انتهى كلامه زيد مقامه.
وفيه (أولا) انه لا يخفى ان مفاد عطف مسح الذكر على البول بالفاء التي مقتضاها الترتيب بلا مهلة هو كون المسح وقع عقيب البول بلا مهلة ، ويؤيده ايضا انه هو المتعارف فإن الإنسان متى بال ولم يكن معه ماء مسح ما بقي على طرف ذكره من البول لئلا يتعدى الى ثوبه أو بدنه فينجسه ولا يعقل انه يتركه بغير مسح حتى يتردد في المغدى والمجيء على وجه يعرق ذكره وفخذاه وعين البول باقية ضمن تلك المدة حتى انه بسبب العرق تتعدى نجاسة البول الى فخذيه مثلا ثم بعد ذلك يمسح ذكره ، بل من المعلوم انه بمجرد المغدى والمجيء تتعدى نجاسة البول من غير حصول عرق إلى سائر
__________________
(١) رواه في الوسائل مقطعا في الباب ٦ و ٢٦ من أبواب النجاسات.