يدي فامسح وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي؟ قال لا بأس به». فإنه لا دلالة فيها على كون اصابة الثوب ومسح الوجه أو بعض الجسد بذلك الموضع النجس ولا على كون النجاسة شاملة لليد كملا حتى تستلزم الإصابة ببعض منها ذلك بل هي أعم من ذلك ، ونفى البأس انما هو لأجل ذلك لانه ما لم يعلم وصول عين النجاسة أو المتنجس إلى شيء ومباشرته له بالرطوبة فلا يحكم بالنجاسة عملا بأصالة الطهارة وتمسكا بها الى ان يعلم الرافع لها ، وهذا بحمد الله سبحانه ظاهر لا سترة عليه.
قال المحقق الشيخ حسن في المنتقى بعد ما أورد هذين الخبرين ما نصه «والخبران كما ترى مخالفان لما هو معروف من مذهب الأصحاب ويمكن تأويلهما بالحمل على عدم تيقن اصابة الموضع المتنجس من الكف للثوب والوجه والجسد أو على توهم سريان النجاسة إلى سائر الكف بتواصل رطوبة العرق» انتهى.
أقول : وقد اعترف بذلك في الوافي أيضا فقال بعد ذكر الرواية : الوجه في ذلك أمران (أحدهما) ان بالمسح بالحائط والتراب زال العين ولم يبق من البول شيء فما يلاقيه برطوبة انما يلاقي اليد المتنجسة لا النجاسة العينية والتطهير لا يجب إلا من ملاقاة عين النجاسة. و (الثاني) انه لم يتيقن اصابة البول جميع اجزاء اليد ولا وصول جميع اجزاء اليد الى الوجه أو الجسد أو الثوب ولا شمول العرق كل اليد فلا يخرج شيء من الثلاثة عما كان عليه من الطهارة باحتمال ملاقاة البول فان اليقين لا ينقض بالشك ابدا وانما ينقض بيقين مثله كما يأتي في باب التطهير من المني النص عليه. انتهى.
أقول : ولا استبعاد في حمل الخبرين المذكورين على ما ذكرناه وان لهما نظائر في الاخبار توهم بظاهرها المخالفة وتحتاج في تطبيقها الى نوع تأويل قريب أو بعيد ، مثل صحيحة زرارة (١) قال : «سألته عن الرجل يجنب في ثوبه أيتجفف فيه من غسله؟ فقال : نعم لا بأس به إلا ان تكون النطفة فيه رطبة فإن كانت جافة فلا بأس». فإنه يوهم
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ٢٧ من أبواب النجاسات.