طهارة المني وقد تقدم القول فيه في الفصل الثالث في نجاسة المني ومثلها صحيحة أبي أسامة (١) وقد تقدم الكلام فيها في الموضع المشار إليه أيضا ، ومثل ذلك في الاخبار كثير كما لا يخفى على من تتبع الاخبار ، والغرض هنا انما هو التنبيه على قبول ما يستدل به على ما ذهب إليه للتأويل كما في نظائره التي من هذا القبيل فلا يحتج بها إذا على خلاف النهج الواضح السبيل الذي عليه عامة العلماء جيلا بعد جيل.
وقد وافقنا في هذا المقام بعض الفضلاء من تلامذته الناسجين على منواله في جل مذاهبه وأقواله حيث قال في حواشيه على الوافي في هذا المقام : ما استدل به الحبر العلامة (طاب ثراه) من الاخبار على ان المتنجس لا ينجس الظاهر انه لا يتم لان ليس فيها ان لهم ان يصلوا على تلك الحال بل سألوا عن كراهة ما فعلوا فأجابهم (عليهالسلام) بعدم البأس فإذا أرادوا الصلاة تطهروا وطهروا وصلوا ، وان سلمنا هذا فخبر ابن حكيم وعجز خبر العيص الأول لا يدل إلا على ان ما لم يعلم وصول المتنجس إلى شيء رطبا متعديا رطوبته اليه لم يحكم بالنجاسة ، ثم ذكر تأويل خبر حنان بن سدير بنحو آخر غير ما ذكرناه ، الى ان قال وخبر سماعة ان كان المراد بعدم البأس ان يصلي في السعة والحال هذه فهو باطل بالاتفاق بل لا بد من تطهير مخرج البول ولا يبعد وجوب تطهير ثوبه ايضا ، فالمراد اما عدم البأس من فعله واما ان يكون في موضع ليس فيه ماء فبال وتمسح وتيمم ثم وجد البلل فسأل عن انتقاض التيمم به فأجابه (عليهالسلام) بعدم الانتقاض والحال هذه. انتهى.
قال في الوافي ذيل هذه الاخبار التي نقلنا استناده إليها وتعويله عليها ما نصه : لا يخفى على من فك رقبته عن ربقة التقليد ان هذه الاخبار وما يجري مجراها صريحة في عدم تعدي النجاسة من المتنجس إلى شيء قبل تطهيره وان كان رطبا إذا أزيل عنه عين النجاسة بالتمسح ونحوه وانما المنجس للشيء عين النجاسة لا غير ، على انا لا نحتاج الى
__________________
(١) ص ٣٥.