ومن الكتاب المذكور عن البزنطي عن العلاء عن محمد بن مسلم (١) قال : «قال ان صاحب القرحة التي لا يستطيع صاحبها ربطها ولا حبس دمها يصلي ولا يغسل ثوبه في اليوم أكثر من مرة».
ورواية سماعة (٢) قال : «سألته عن الرجل به القرح أو الجرح فلا يستطيع ان يربطه ولا يغسل دمه؟ قال يصلي ولا يغسل ثوبه إلا كل يوم مرة فإنه لا يستطيع ان يغسل ثوبه كل ساعة».
هذا ما وقفت عليه من روايات المسألة وهي ظاهرة الدلالة على امتداد العفو الى البرء وبه صرح في موثقة سماعة ورواية أبي بصير ويقرب منه قوله (عليهالسلام) في صحيحة محمد بن مسلم : «يصلي وان كانت الدماء تسيل». ونحوها رواية عبد الله بن عجلان ، فان الظاهر من هذه العبارة ان المفهوم اولى بالحكم من المنطوق فيكون حالة عدم السيلان اولى بالعفو ، وربما يسبق الى الفهم من قوله في الصحيحة المشار إليها : «فلا تزال تدمي» ان الحكم مفروض في استمرار الجريان والعفو معلق عليه ، وهو باطل (أما أولا) فإن هذا الكلام انما وقع في كلام السائل ومقتضى جوابه انما هو ما ذكرناه والعبرة لا بكلام السائل. و (اما ثانيا) فان الظاهر انه ليس معنى «لا تزال تدمي» أن جريانها متصل لا ينقطع بل معناه تكرر الخروج وان كان دفعة بعد دفعة وحينا بعد حين ، ومن الظاهر ان ذلك هو مقتضى العرف من هذه العبارة فإنه إذا قيل فلان لا يزال يتكلم بكذا وكذا ولا يزال يتردد الى كذا وكذا ونحو ذلك فإنه يراد منه انه يفعله حينا بعد حين لا انه مستمر على فعله علي وجه لا انقطاع ولا انفصال فيه ، وبذلك يظهر ان ما ذكره الأصحاب (رضوان الله عليهم) ـ من اعتبار المشقة وابدال الثوب مع الإمكان واعتبار التقييد بعدم الانقطاع مطلقا أو مقيدا كما تقدم ـ لا دليل عليه بل
__________________
(١) السرائر نوادر البزنطي الحديث ١٣.
(٢) المروية في الوسائل في الباب ٢٢ من أبواب النجاسات.