أقول : لا يخفى ان هذين المفهومين الحاصلين من الشرطيتين انما هما في رواية الجعفي حيث قال : «ان كان أقل من قدر الدرهم فلا يعيد الصلاة وان كان أكثر فليعد صلاته». واما حسنة محمد بن مسلم بناء على نقله لها من التهذيب فليس فيها إلا ان «وما لم يزد على مقدار الدرهم من ذلك فليس بشيء». وهو يرجع الى الشرطية الثانية من رواية الجعفي ، واما على روايتي الكافي والفقيه فهي مشتملة على الشرطيتين معا.
بقي الكلام معه في ترجيح أحد المفهومين على الآخر فان مفهوم الشرطية الاولى انه لو لم يكن أقل من درهم بل كان درهما فصاعدا فإنه يعيد ، وعلى هذا المفهوم بنى الاستدلال للقول المشهور ، ومفهوم الشرطية الثانية انه لو لم يكن أكثر من الدرهم فلا يعيد ، وعليه بنى استدلال المرتضى (رضياللهعنه) واختاره في المدارك ورجحه باعتضاده بأصالة البراءة. ولا يخفى ما فيه فان أصالة البراءة لا معنى لها بعد استفاضة الأخبار بنجاسة الدم بقول مطلق ووجوب الطهارة منه في الصلاة ووجوب إعادتها بالصلاة فيه ناسيا خرج ما خرج بدليل وبقي ما بقي ، ومع تسليم ما ذكره فهذا الأصل هنا مخصوص بصحيحة ابن ابي يعفور وما شابهها مما دل على القول المشهور وبه يظهر وجه رجحان مفهوم الشرطية الاولى ، وبذلك يظهر ان حمله لروايات القول المشهور على الاستحباب غير جيد لظهورها في وجوب الإعادة وصحة بعضها وكثرتها واعتضادها بالأخبار المطلقة التي أشرنا إليها وقبول ما قابلها للتأويل ، مع ما عرفت في غير موضع من انه لا دليل على الجمع بين الاخبار بالاستحباب والكراهة وان كان مشهورا بينهم.
قال في المعالم بعد البحث في المقام : وبالجملة فحديث ابن ابي يعفور أقرب الى القبول من خبر ابن مسلم فمع التعارض يكون الترجيح للأول ، وبتقدير المساواة فخبر ابن مسلم أقرب الى التأويل إذ يمكن حمل الزيادة عن مقدار الدرهم فيه على كونها إشارة الى ان اتفاق كون الدم بمقدار الدرهم فحسب بعيد جدا فان الغالب فيه الزيادة أو النقصان ومما يرشد الى هذا قوله في رواية إسماعيل الجعفي : «ان كان أقل من قدر الدرهم فلا يعيد