و (منها) ـ التوجيه الثالث فان ما ذكره معارض بأنه قد قام الدليل على اشتراط صحة الصلاة بطهارة الثوب والبدن إلا ما استثنى فلا بد من العلم بالطهارة ويقين البراءة موقوف على ذلك ، والمشتبه المحتمل لكل من الأمرين لا يحصل فيه ذلك.
واما ما ذكره في المعالم من معنى النجس والطاهر فهو غير معلوم ولا ظاهر وانما معنى الطاهر هو ما لم يعلم نجاسته اي كونه من أحد الأعيان النجسة ولا ملاقاة النجاسة له على الوجه الموجب لذلك والنجس هو ما علم فيه أحد الأمرين ، وما ذكره من اللوازم لا انه معنى النجس والطاهر.
والتحقيق عندي في المقام اما بالنسبة إلى الدم فهو يرجع الى ما قدمنا من معنى المحصور وغير المحصور ، وذلك فإنه ان وقع الاشتباه في دمين أو ثلاثة مثلا بعضها طاهر وبعضها نجس كما لو افتصد مثلا وباشر دم السمك فرأى في ثوبه دما لا يدري هو من دم أيهما مع عدم احتمال غيرهما فان هذا يكون من قبيل المحصور يلحق حكم الطاهر منهما حكم ما اشتبه به من النجس ، وهكذا لو كان أحدهما معفوا عنه والآخر غير معفو عنه فإنه يلحق حكم المعفو عنه هنا حكم غير المعفو عنه ، ولو وقع اشتباه في الدماء مطلقا كأن وجد ثوبا أو شيئا عليه دم مع احتمال تطرق الدماء الطاهرة والنجسة إليه فهذا يكون من قبيل غير المحصور ويكون الأصل فيه الطهارة عملا بالقاعدة المنصوصة الكلية «كل شيء نظيف حتى تعلم انه قذر» (١). و «لا أبالي أبول أصابني أم ماء إذا لم اعلم» (٢). وقول ذلك القائل في الوجه الثاني ان أصالة الطهارة لم ترد في نفس الدم ليس في محله فان كل شيء له افراد بعضها طاهر وبعضها نجس ووجد منه فرد لا يعلم انه من اي القسمين هو يجب فيه الحكم بأصالة الطهارة دما كان أو غيره ، هذا بالنسبة إلى الدم واما بالنسبة الى الثوب أو البدن الذي لاقى ذلك الدم فان كان ذلك الدم من قسم غير المحصور فلا إشكال في طهارة الملاقي للحكم بطهارة الدم كما عرفت ، وان كان من القسم الأول بني على الخلاف المتقدم في مسألة الإناءين بان
__________________
(١ و ٢) رواه في الوسائل في الباب ٣٧ من النجاسات.