غسلة لقيامه مقام العصر ، فإنه محل اشكال حيث انه لم يعهد ذلك من مذهبه في كل من الموضعين ، وتأول كلامه بعض محققي متأخري المتأخرين بأنه ليس مراده إلا إثبات القبول للتطهير واما اعتبار التعدد والجفاف فغير منظور اليه. وأيده بتعليل الحكم بحال اللحم مع ان الحكم فيه كما ذكره هو وغيره انما هو طهارته بالغسل إذا وقع في مرقه ما يقتضي تنجيسه فلو أراد تقوية ما زاد على الغسل لم يكن التعليل وافيا بإثبات المدعى ، وأيده أيضا بأنه اقتصر في النهاية على الحكم بقبولها التطهير فقال بعد ان حكم بعدم طهارة الصابون والعجين بالغسل : اما السمسم والحنطة إذا انتقعا في النجس فالأقوى قبولهما للطهارة وكذا اللحم إذا تنجست مرقته. أقول : ما ذكره (قدسسره) من التأويل وان كان لا يخلو من قوة إلا انه لا يخفى على من له انس باختلاف أقوال العلامة في المسألة الواحدة في كتبه بل في كتاب واحد انه لا يبعد حمل كلامه هنا على ظاهره.
إذا عرفت ذلك فاعلم ان الذي دل على حكم اللحم المذكور هنا روايتان إحداهما رواية السكوني عن الصادق (عليهالسلام) (١) «ان أمير المؤمنين (عليهالسلام) سئل عن قدر طبخت فإذا في القدر فأرة؟ قال يهراق مرقها ويغسل اللحم ويؤكل». والأخرى رواية زكريا بن آدم (٢) قال : «سألت أبا الحسن (عليهالسلام) عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قدر فيها لحم كثير ومرق كثير؟ قال يهراق المرق أو يطعمه أهل الذمة أو الكلاب واللحم اغسله وكله». وظاهر الأصحاب من غير خلاف يعرف القول بمضمونهما وعندي في ذلك على إطلاقه إشكال وذلك فإنه ان كانت النجاسة قد رفعت بعد وقوعها بحيث لم تسر النجاسة إلا الى المرق وظاهر اللحم فلا اشكال وان كانت قد بقيت في القدر مدة بحيث على بها القدر وسرت نجاسة المرق الى باطن اللحم كما هو ظاهر عبارة العلامة المتقدمة فكيف يطهر بمجرد غسل ظاهره والنجاسة قد سرت إلى
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ٥ من الماء المضاف و ٤٤ من الأطعمة المحرمة.
(٢) المروية في الوسائل في الباب ٣٨ من النجاسات و ٢٦ من الأشربة المحرمة.