قوله تعالى : «وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ ...» (١) وتحت قولهم (عليهمالسلام) (٢) «ان الله عزوجل جعل لكل شيء حدا ولمن تعدى ذلك الحد حدا». وهذه الروايات لا معارض لها بحسب الظاهر إلا إطلاق الروايات الدالة على عدم وجوب الإعادة على الجاهل وقضية الجمع توجب تقييد إطلاقها بهذه الروايات لكونها أخص ، وعلى هذا فتكون الأخبار مخصوصة بالجهل الساذج الخالي من حصول الظن بالكلية ، وبذلك يظهر قوة القول المذكور ويعضده أنه الأوفق بالاحتياط.
بقي شيء وهو ان مورد الأخبار المذكورة انما هو نجاسة المني إلا ان ظاهر عبارة الشيخ المفيد مطلق النجاسة وكذا كلام الشهيد ، وهو كذلك إذ لا خصوصية للمني بذلك. وظاهر الأخبار المذكورة أيضا الإعادة وقتا وخارجا وهو ظاهر القائلين بذلك ايضا ، هذا.
واما ما ذهب اليه الشيخ من الإعادة في الوقت فنقل عنه انه استدل عليه بأنه لو علم النجاسة في أثناء الصلاة وجب عليه الإعادة فكذا إذا علم في الوقت بعد الفراغ. وأجيب عنه بمنع الملازمة إذ لا دليل عليها. وبالجملة فضعفه أظهر من ان يبين بعد ورود تلك الاخبار الصحاح والحسان. وأضعف منه القول بالإعادة بعد الوقت.
بقي هنا في المقام روايتان إحداهما ما رواه الشيخ في الصحيح عن وهب بن عبد ربه عن الصادق (عليهالسلام) (٣) «في الجنابة تصيب الثوب ولا يعلم بها صاحبه فيصلي فيه ثم يعلم بعد ذلك؟ قال يعيد إذا لم يكن علم». والثانية ما رواه عن ابي بصير عن الصادق (عليهالسلام) (٤) قال : «سألته عن رجل صلى وفي ثوبه بول أو جنابة؟ فقال علم به أو لم يعلم فعليه إعادة الصلاة إذا علم». وظاهرهما الدلالة على القول بالإعادة مطلقا ، والشيخ قد أجاب عن الاولى في التهذيب بالحمل على انه إذا لم يعلم في حال الصلاة وكان قد سبقه العلم بحصول النجاسة في الثوب. ولا يخفى بعده. وحملها بعض على
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ٢٢٩.
(٢) أصول الكافي ج ١ ص ٥٩ الطبع الحديث.
(٣ و ٤) رواه في الوسائل في الباب ٤٠ من أبواب النجاسات.