على ما سلف تحقيقه في المباحث الأصولية واخترناه وفاقا للمرتضى والمحقق من الاستصحاب المردود.
أقول : الظاهر عندي هنا هو صحة الاستدلال بالاستصحاب المذكور فان مرجعه الى عموم الدليل كما تقدم تحقيقه في مقدمات الكتاب فان مقتضى الأدلة ان النجاسة حكم شرعي يتوقف رفعه على وجود الرافع والنجاسة قد ثبتت بلا خلاف ولا اشكال فرفعها يحتاج الى دليل ظاهر ، واما ما ذكره في المعالم ـ من عد الاستصحاب هنا من الاستصحاب المردود الذي قد أوضحنا في مقدمات الكتاب بطلانه ـ فهو مبني على قول تفرد به في هذا المقام ولم اعرف له موافقا عليه من علمائنا الأعلام إلا الفاضل الخراساني في الذخيرة حيث حذا حذوه في هذا الكلام.
قال في المعالم على اثر العبارة المتقدمة في بيان كونه من الاستصحاب المردود ما صورته : لان ما دل من النصوص على تأثير النجاسات والتأثر بها على وجه يبقى وان لم تبق أعيانها مقصور على البدن والثوب والآنية كما يشهد به الاستقراء والتتبع وانما استفيد الحكم فيما عدا ذلك من الإجماع ، وأكثر ما يكون الاستصحاب المردود فيما مدركه الإجماع لأن الحكم الثابت به في موضع الحاجة الى الاستصحاب يكون لا محالة مخصوصا بحال اولى فيطلب بالاستصحاب انسحابه الى حالة ثانية. وقد مر ان اعتبار الاستصحاب حينئذ إثبات للحكم بغير دليل. ومن هنا يتجه في موضع النزاع ان يقال ان الدليل الدال على تأثر الأرض والحصر والبواري وكل ما لا ينقل في العادة بالنجاسة مختص بالحال التي قبل زوال العين عنها وتجفيف الشمس لها لانتفاء الإجماع فيما بعد ذلك قطعا فمن ادعى ثبوت الحكم في الحال التي بعد فهو مطالب بالبرهان عليه وليس في يده غير الاستصحاب ولا يقبل منه (فان قلت) كأن الاتفاق واقع على ان للنجاسات المعلومة أثرا في كل ما تلاقيه برطوبة مستمرا الى ان يحصل المطهر الشرعي فيفتقر كل نوع من أنواع المطهرات الى دليل يثبته (قلت) : هذا كلام ظاهري يقع في خاطر العاجز