عن استنباط بواطن الأدلة ويلتفت اليه القانع بالمجمل عن التفاصيل وما قررناه أمر وراء ذلك. وبالجملة فالذي يقتضيه التحقيق انه لا معنى لكون الشيء نجسا إلا دلالة الدليل الشرعي على التكليف باجتنابه في فعل مشروط بالطهارة وازالة عينه أو أثره لأجله واما ما لا دليل فيه على أحد الأمرين فهو على أصل الطهارة بمعنى أصالة براءة الذمة من التكليف فيه بأحدهما. واما ما يتخيل ـ من ان كل نوع من أنواع النجاسات بمنزلة العلة الحقيقية في التأثير فكل ما لاقاه برطوبة أثر فيه النجاسة وتوقف في عوده إلى الطهارة على طرو المطهر ـ فمن الأوهام التي يظهر فسادها بأدنى تأمل ولا يستريح إلى أمثالها محصل. انتهى كلامه زيد مقامه.
أقول فيه (أولا) ـ انه لا يخفى ان ما ذكره من قصر الحكم المذكور على الثلاثة المذكورة من حيث انه لم يرد في النصوص ما يدل على الأمر بالغسل بعد زوال العين في غير الثلاثة المذكورة ان كان مقصورا على هذا الموضع ومخصوصا بهذا الحكم فهو تخصيص من غير مخصص ، وان كان مطردا فيما جرى هذا المجرى مما وردت النصوص في خصوص بعض الافراد دون بعض وانه يخص الحكم بما وردت به الروايات فلا أراه يلتزمه ، وذلك فإنه لا يخفى ان جل الأحكام الشرعية التي صارت عند الأصحاب قواعد كلية انما استفيد حكمها من جزئيات السؤالات المخصوصة وخصوص وقائع جزئية مثلا ـ لا خلاف بين الأصحاب في ان من صلى في النجاسة عامدا أو ناسيا وجبت عليه الإعادة أي نجاسة كانت مع ان الوارد في النصوص انما هو نجاسات مخصوصة ولم يقل أحد من الأصحاب بتخصيص الإعادة بها بخصوصها بل عدوا الحكم الى كل نجاسة نظرا الى الاشتراك في العلة وهي النجاسة وهو تنقيح المناط القطعي الذي صرحوا به في الأصول وحملا للنجاسات المذكورة على الخروج مخرج التمثيل فلا يقتضي التخصيص ولا ريب ان ما نحن فيه من هذا القبيل ، ومن قبيل ذلك ما لو سأل السائل الإمام (عليهالسلام) عن نجاسة أصابت قميصه فحكم بإزالتها وبطلان الصلاة فيها فان من المعلوم انه