المسجد؟ قال لا بأس». لا ان المعنى فيها ما توهماه (قدسسرهما) من نجاسة الجص وانه لا يطهر بالنار لعدم الاستحالة وهو قد حكم بان تطهير النار انما هو بالاستحالة ولا بالماء الممازج له فإنه لا يطهره إجماعا ، وبالجملة فما ذكرناه معنى ظاهر الاستقامة.
والى ما ذكرنا أشار السيد السند في المدارك فقال : ويمكن ان يستدل على الطهارة أيضا بما رواه الشيخ في الصحيح عن الحسن بن محبوب ثم ساق الرواية ثم قال : وجه الدلالة ان الجص يختلط بالرماد والدخان الحاصل من تلك الأعيان النجسة ولو لا كونه طاهرا لما ساغ تجصيص المسجد به والسجود عليه والماء غير مؤثر في التطهير إجماعا كما نقله في المعتبر فتعين استناده الى النار ، وعلى هذا فيكون اسناد التطهير الى النار حقيقة والى الماء مجازا أو يراد به فيهما المعنى المجازي. وتكون الطهارة الشرعية مستفادة مما علم من الجواب ضمنا من جواز تجصيص المسجد به ولا محذور فيه. انتهى.
أقول : الظاهر انما هو المعنى الأول لأن مطابقة الجواب للسؤال تقتضي حصول الطهارة ولا مطهر هنا حقيقة إلا النار كما عرفت فذكره (عليهالسلام) في الجواب ولا ينافيه ضم الماء الى ذلك لانه يمكن حمل مدخليته في التطهير هنا على ان يكون من قبيل رش الماء على الثوب أو المكان المظنون النجاسة استحبابا ، وبالجملة فالغرض من الخبر بيان انه قد ورد على ذلك الجص مطهران شرعيان الماء والنار وان كان أحدهما حقيقة والآخر مجازا ، فلا يبقى توقف في طهارته ولا يرد السؤال بان النار إذا طهرته أولا فلا معنى لتطهيره بالماء إذ لا يلزم من ورود المطهر الثاني تأثيره في الطهارة كما عرفت بل يكفي حصول المعنى المجازي.
هذا ، ولا يخفى عليك ان العلة الحقيقية في الطهارة انما هي الاستحالة سواء كانت بالنار أو بغيرها لأن الأحكام الشرعية تابعة لصدق الاسم فمتى انتقل الشيء عن حالته الاولى وحقيقته السابقة إلى حقيقة أخرى وسمي باسم ما صدق عليه أفراد الحقيقة الثانية انتقل الحكم ايضا عما كان عليه أولا إلى حكم آخر ويخرج الخبر المذكور شاهدا على