على عدم التوقي من دواخن السراجين النجسة فلو لم يكن طاهرا بالاستحالة لتورعوا منه. انتهى. واقتفى أثره العلامة في المنتهى في الكلام على الخبر المذكور كما هي عادته غالبا فقال : ان في الاستدلال به اشكالا من وجهين : (أحدهما) ـ ان الماء الممازج هو الذي يحل به وذلك غير مطهر إجماعا. و (الثاني) ـ انه حكم بنجاسة الجص ثم بتطهيره قال وفي نجاسته بدخان الأعيان النجسة إشكال. انتهى.
أقول : اما ما ذكره المحقق من المنازعة للشيخ في الإجماع فهو بمحل من النظر لموافقته له في إجماعاته التي يدعيها بل استدلاله بها في غير موضع كما لا يخفى على من تأمل كتابه ، والحكم المذكور هنا لم يظهر فيه مخالف قبله حتى يكون موجبا للطعن في إجماعه وقد قرروا في أصولهم ان الإجماع المنقول بخبر الواحد حجة. واما ما ذكره بعد الطعن في دليلي الشيخ من الاستدلال على الطهارة بإجماع الناس على ما ذكره فهو أوهن من بيت العنكبوت وانه لا وهن البيوت فان بناء الأحكام الشرعية على مثل هذه التخريجات الوهمية مجازفة ظاهرة.
واما ما ذكره من الكلام على الاستدلال بالرواية فليس في محله فإنه وكذا العلامة بعده لم يمعنا النظر في تحقيق المعنى المراد منها ، وذلك فان الظاهر ان المراد منها ـ والله سبحانه اعلم ـ هو ان المستفاد من ظاهر السؤال هو ان العذرة تحرق على الجص ويختلط رمادها به وغرض السائل معرفة حالها بعد الإحراق وانها هل تبقى على النجاسة فيلزم تنجيس الجص بها لملاقاته لها بالرطوبة بالمزج بالماء وقت البناء أم لا؟ فخرج الجواب عنه (عليهالسلام) بأنها تطهر بالإحراق والاستحالة رمادا فليس على الجص منها بأس ، وهو معنى واضح ودليل مفصح لا غبار عليه ، وهذا المعنى وان لم يفصح به لفظ الخبر إلا انه هو المرجع من سياقه كما ستعرف ، ويؤيده ما رواه في قرب الاسناد عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليهالسلام) (١) قال : «سألته عن الجص يطبخ بالعذرة أيصلح ان يجصص به
__________________
(١) رواه في الوسائل في الباب ٦٥ من أحكام المساجد.