واما ما ذكره في المدارك بعد نقل احتجاج الشيخ (قدسسره) ـ حيث قال : وفيه إشكال منشأه الشك في تحقق الاستحالة وان كان القول بالطهارة محتملا لعدم تيقن استمرار حكم النجاسة ـ ففيه ان ما ذكره من الاشكال باعتبار الشك في تحقق الاستحالة كما تقدم منه أيضا في باب التيمم في محله ، واما ما ذكره من ان القول بالطهارة محتمل لعدم تيقن استمرار حكم النجاسة فكلام مزيف لا يخفى ما فيه على المتأمل بعين التحقيق فإنه متى ثبتت النجاسة وحكم بها استمر الحكم بها حتى يثبت الرافع الشرعي والمطهر الشرعي وليس هنا إلا الاستحالة وهو لا يقول بها بل جعلها موضع شك ، ولو كان مجرد خروج الشيء من حال إلى أخرى يوجب الطهارة لوجب بمقتضى ذلك الحكم بطهارة العجين النجس بخبزه وطهارة الأرض بعد الرطوبة باليبوسة بالهواء ونحو ذلك وهو لا يقول به ، وقد صرح به في الفرع الأول من فروع مسألة تطهير الشمس في ما لو جف بغير الشمس فقال : ويدل عليه ان نجاسة المحل بالنص فيقف زوال النجاسة على ما عده الشارع مطهرا. انتهى. وهو آت في ما نحن فيه ، وبالجملة فإن الاستصحاب هنا انما هو من قبيل استصحاب عموم الدليل المتفق على صحته. نعم ما ذكره يأتي في الاستصحاب المصطلح الذي هو محل النزاع بينهم وهو ما دل الدليل فيه على حال مخصوصة وأريد تعدية الحكم الى حالة أخرى خالية من النص لا في ما إذا كان الدليل شاملا للحالين.
واما ما ذكره في المعالم فهو مبني على ما تفرد به في تطهير الشمس مما نقلناه ثمة عنه وبينا ما فيه وهو أصل متزعزع الأركان وقاعدة منهدمة البنيان بما أوضحنا من الأدلة الساطعة البرهان المخالفة لما عليه كافة العلماء الأعيان ، وحينئذ فمتى ثبتت النجاسة وجب استصحاب حكمها الى ان يحصل المطهر الشرعي ، وليس ثبوت أصل الحكم بالإجماع خاصة كما ادعاه حتى انه بعد الطبخ حيث لا إجماع فمقتضى الأصل الطهارة ، وبالجملة فإن المعتبر في الحكم بالنجاسة هو ملاقاتها للشيء مع الرطوبة فإنه يصير بذلك متنجسا بالإجماع نصا وفتوى وهذا الحكم لا يزول عنه إلا بتطهيره بأحد المطهرات المنصوصة ،