أحد المجازين دليل ، والإطلاق الواقع في الخبر يدل بظاهره على الاكتفاء بأقل ما يتحقق معه الاسم فيحتاج إثبات الزائد عليه الى دليل.
ويمكن دفعه بان يقال ان التراب الممتزج وان لم يسم غسلا حقيقة إلا أنه أقرب الى حقيقة الغسل من الدلك بالتراب وحده ومع تعذر الحقيقة يصار إلى أقرب المجازات إلا انه ربما تطرق القدح ايضا الى هذا الوجه بأنه على تقدير المزج يلزم ارتكاب تجوزين (أحدهما) في الغسل كما اعترف به ، و (ثانيهما) في التراب فان الممزوج بالماء على وجه يحصل فيه الجريان لا يسمى ترابا كما تقدم في كلام المحقق الشيخ علي ، واما على الوجه الآخر وهو الغسل بالتراب وحده فإنما يلزم ارتكاب مجاز واحد في لفظ الغسل.
وربما بنى الكلام في المقام على معنى الباء في قوله (عليهالسلام) «بالتراب» فان حملناها علي الاستعانة كما في قولهم «كتبت بالقلم» والظرف حينئذ لغو ومتعلقة خاص مذكور تعين التجوز في لفظ الغسل بإرادة الدلك منه بنوع من العلاقة وكان الخبر واضح الدلالة على القول المشهور ، وان حملناها على المصاحبة كما في قولهم «دخلت عليه بثياب السفر» فالظرف على هذا التقدير حال من الغسل المدلول عليه بالأمر وهو حينئذ مستقر لكون متعلقة امرا عاما واجب الحذف وهو الكون والاستقرار كما قرر في محله من الكتب النحوية ، وعلى هذا فلا حاجة الى التجوز في الغسل بل يبقى على حقيقته إلا انه يحتاج الكلام الى تقدير متعلق الجار ويصير حاصل الكلام واغسله حال كون الغسل كائنا بمصاحبة التراب ، وليس في هذا الوجه ما ربما يستبعد به إلا تقدير متعلق الجار وهو وان كان خلاف الأصل إلا ان مقتضى القواعد النحوية ذلك ، وبهذا الوجه يكون الخبر حجة لابن إدريس ومن قال بمقالته وربما رجح ايضا بقلة استعمال الغسل في الدلك بالتراب وبعده عن الفهم وليس الإضمار لمتعلق الجار بهذه المثابة بل هو شائع الاستعمال. وبالجملة فالمسألة لا تخلو من الاشكال لما عرفت والاحتياط بالتراب وحده والتراب الممزوج مما لا ينبغي تركه.