الآنية مغضورة دخلت اجزاء الخمر في باطنها فلا ينالها الماء.
وأجيب عن الأول بأن النهي للكراهة. وأجاب في المدارك عن ذلك بان النهي عن ذلك لا يتعين كونه للنجاسة إذ من الجائز ان يكون لاحتمال بقاء شيء من اجزاء الخمر في ذلك الإناء فيتصل بما يحصل فيه المأكول والمشروب انتهى. وعن الثاني بأن نفوذ الماء أشد من نفوذ غيره فان ما يشرب الخمر يشرب الماء فيصل الماء الى ما يصل اليه الخمر. وأجاب في المدارك عن ذلك بأنه مع تسليم ما ذكر فإنه لا ينافي طهارة الظاهر وجواز استعماله الى ان يعلم ترشح اجزاء من الخمر المستكن في الباطن إليه.
أقول : لا يخفى على المتأمل في هاتين الروايتين ان النهي عن استعمال هذه الظروف المعدودة في الانتباذ لأنها تسرع الشدة فيها لأجل دهنها فيصير مسكرا ويشير الى ذلك ما تقدم في كلام صاحب النهاية ، ولو كان النهي عنها انما هو من حيث نفوذ الخمر فيها وعدم قبولها للتطهير كما فهمه المستدل والمجيب لم يكن لذكر المزفت وهو المطلي بالزفت الذي هو القير معنى لانه لا نفوذ فيه وكذلك الحنتم وهي الجرار الخضر المغضورة ، ويشير الى ما ذكرنا قوله في رواية جراح المدائني «انه منع نبيذ الدباء» يعني ما ينبذ فيه ، وبالجملة فالظاهر من الأخبار المذكورة انما هو النهى عن النبيذ فيها خوفا من التغيير والانقلاب الى المحرم لا عن الاستعمال بقول مطلق كما ظنوه وحينئذ فلا تكون الأخبار المذكورة من محل البحث في شيء ويبقى إطلاق الاخبار الأولة سالما عن المعارض. واما الوجه الاعتباري الذي أضافوه الى هاتين الروايتين فهو لا يسمن ولا يغني من جوع بعد بطلان دلالة الخبرين المذكورين مع ما عرفت من الجواب عنه بالوجهين المتقدمين ، وبذلك يظهر لك قوة القول المشهور.
بقي الكلام هنا في شيء آخر وهو ان ظاهر صحيحة محمد بن مسلم لا يخلو من حزازة حيث انه في آخر الخبر نفى البأس عن الجرار الخضر مع انه في صدر الخبر قال بعد ذكر ما نهى (صلىاللهعليهوآله) عنه «وزدتم أنتم الحنتم» وقد عرفت ان المراد