والمبالغة فيه وإحفاء الشارب المبالغة في جزه والإعفاء الترك ، واعفاء اللحى ان يوفر شعرها من عفى الشعر إذا كثر وزاد ، وقوله «وأعفوا عن اللحى» اي لا تستأصلوها بل اتركوا منها ووفروا ، وقوله «ولا تتشبهوا باليهود» اي لا تطيلوها جدا وذلك لان اليهود لا يأخذون من لحاهم بل يطيلونها ، وذكر الإعفاء عقيب الإحفاء ثم النهي عن التشبه باليهود دليل على ان المراد بالإعفاء ان لا يستأصل ويؤخذ منها من غير استقصاء بل مع توفير وإبقاء بحيث لا يتجاوز القبضة فيستحق النار. وقال بعض المنسوبين الى العلم والحكمة من فهم من هذا الحكم طلب الزينة الإلهية في قوله تعالى : «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ» (١) نظر الى لحيته فإذا كانت الزينة في توفيرها وان لا يأخذ منها شيئا تركها وان كانت الزينة في ان يأخذ منها قليلا حتى تكون معتدلة تليق بالوجه وتزينه أخذ منها على هذا الحد وقد ورد عن النبي (صلىاللهعليهوآله) انه كان يأخذ من طول لحيته لا من عرضها. انتهى كلامه. ولعل مراده أن الزينة تختلف باختلاف الناس في لحاهم ولهذا لم يحدد اعني من جهة التقليل وان حد من جهة التوفير ، وقد مضى في كتاب الحجة حديث عن أمير المؤمنين (عليهالسلام) (٢) «ان أقواما حلقوا اللحى وفتلوا الشوارب فمسخوا».
وقد أفتى جماعة من فقهائنا بتحريم حلق اللحية وربما يستشهد لهم بقوله سبحانه عن إبليس اللعين : «وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ» (٣) انتهى كلامه في الوافي.
وروى في الكافي عن السكوني عن ابي عبد الله (عليهالسلام) (٤) قال : «قال رسول الله (صلىاللهعليهوآله) لا يطولن أحدكم شاربه فان الشيطان يتخذه مخبئا يستتر به». ورواه في الفقيه عنه (ص) مرسلا (٥) وروى في الكافي
__________________
(١) سورة الأعراف ، الآية ٣٠.
(٢) رواه في الوسائل في الباب ٦٧ من آداب الحمام.
(٣) سورة النساء ، الآية ١١٩.
(٤ و ٥) رواه في الوسائل في الباب ٦٦ من آداب الحمام.