لا تأكلوا في آنيتهم إذا كانوا يأكلون فيها الميتة والدم ولحم الخنزير». ومنها ـ رواية جابر عن الباقر (عليهالسلام) (١) قال «أتاه رجل فقال له وقعت فأرة في خابية فيها سمن أو زيت فما ترى في أكله؟ قال فقال له أبو جعفر (عليهالسلام) لا تأكله فقال له الرجل الفأرة أهون علي من ان اترك طعامي من أجلها. قال فقال له أبو جعفر (عليهالسلام) انك لم تستخف بالفأرة وانما استخففت بدينك ، ان الله تعالى حرم الميتة من كل شيء».
أقول : المراد بلفظ التحريم هنا النجاسة ليصح التعليل المذكور وإلا فالحرمة بمجردها بمعناها المتعارف لا توجب عدم أكل الزيت الذي ماتت فيه الفأرة ، ومما يؤيد ورود هذا اللفظ بمعنى النجاسة لا بالمعنى المتبادر ما رواه في التهذيب والكافي عن الحسن ابن علي (٢) قال : «سألت أبا الحسن (عليهالسلام) فقلت جعلت فداك ان أهل الجبل تثقل عندهم أليات الغنم فيقطعونها؟ فقال هي حرام. قلت جعلت فداك فتصطبح بها؟ فقال أما تعلم انه يصيب اليد والثوب وهو حرام؟». إذ لا ريب بمقتضى سياق الخبر ان الحرام هنا انما هو بمعنى النجس.
أقول : ظاهر رواية الحسن بن علي المذكورة عدم جواز الانتفاع بأليات الميتة أو المبانة من حي مطلقا حتى ولو بالإسراج ، وهو المشهور بين الأصحاب وبه صرح جملة : منهم ـ الشهيد الثاني في المسالك ، قال بعد قول المصنف : «ويجوز بيع الادهان النجسة ويحل ثمنها. إلخ» : المراد بها الادهان النجسة بالعرض كما هو المفروض اما النجسة بالذات كأليات الميتة يقطعها من حي أو ميت فلا يجوز بيعها ولا الانتفاع بها مطلقا إجماعا لإطلاق النهي عنه ، وانما جاز بيع الدهن النجس لبقاء منفعته بالاستصباح. انتهى. ونقل الشهيد عن العلامة جواز الاستصباح به تحت السماء ثم قال : وهو ضعيف.
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ٥ من أبواب الماء المضاف.
(٢) رواه في الوسائل في الباب ٣٠ من الذبائح و ٣٢ من الأطعمة المحرمة.