طاهرة لم تعرض لها نجاسة من الخارج كما احتمله في الذكرى ايضا وأجاب به عن الحديث المذكور إذ لا خصوصية لذلك بالفأرة. واما صحيحة علي بن جعفر فلعل منشأ السؤال فيها عن فأرة المسك انما هو من حيث توهم نجاسة المسك باعتبار أن أصله الدم كما قيل «ان المسك بعض دم الغزال» وحينئذ فنفى البأس يرجع الى طهارته بالاستحالة التي هي من جملة المطهرات الشرعية ، واما من حيث فأرة المسك واحتمال كونها ميتة المستلزم لنجاستها كما هو ظاهر صحيحة عبد الله بن جعفر المذكورة التي قد عرفت انها مستند العلامة فيما ذهب إليه في المنتهى ، وحينئذ فنفي البأس من حيث وجوب البناء على أصالة الطهارة لقولهم (عليهمالسلام) (١) «كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر». وفأرة المسك لما كان منها ما هو طاهر ونجس كما عرفت دخلت تحت الكلية المذكورة ، ويمكن بناء على الثاني حمل نفي البأس من حيث انها لا تتم فيها الصلاة وقد عفي عن نجاسة ما لا تتم الصلاة فيه فهي وان كانت نجسة بالموت إلا انها مما لا تتم الصلاة فيه. لكن يدفع هذا الوجه ظاهر صحيحة عبد الله بن جعفر فإنها قد دلت على النهي عن الصلاة فيها من حيث كونها غير ذكية يعني ميتة وهي ظاهرة في عدم جواز الصلاة في الميتة وان كانت مما لا تتم الصلاة فيه ، وعلى ذلك ايضا تدل جملة من الأخبار فتكون الصلاة فيما لا تتم الصلاة فيه من الميتة الموجب لبطلانها مستثنى من جواز الصلاة في النجس الذي لا تتم الصلاة فيه. وبالجملة فالاحتمالان المذكوران متعارضان ، وربما يرجح الاحتمال الذي صار إليه في المدارك وبه صرح أكثر الأصحاب بمطابقة الأصل ، الا أن المسألة عندي لا تخلو من شوب الاشكال والاحتياط فيها مطلوب على كل حال.
بقي هنا شيء وهو انه قد تقدم في المسألة الثانية تصريح الأصحاب بان ما تحله
__________________
(١) رواه في الوسائل في الباب ٣٧ من أبواب النجاسات ، واللفظ في موثقة عمار هكذا «كل شيء نظيف حتى تعلم أنه قذر». وسيأتي منه (قدسسره) التصريح بذلك في التنبيه الثاني من تنبيهات المسألة الثانية من البحث الأول من أحكام النجاسات.