نعم غايته أن الآية وردت بسبب اتخاذ الأصنام آلهة. غير أن الاعتماد على دلالة اللفظ الوارد لا (١) على خصوص السبب.
كيف وأنه يمتنع الحمل على الآلهة بتقدير أن يكونوا (٢) أصناما ، فإنه أخبر عن لزوم فساد السماء والأرض بهم ، وذلك غير لازم من وجود آلهة يكونون أصناما.
قولهم : الفساد لازم بتقدير الاختلاف ، أو لا بتقدير الاختلاف.
قلنا : الآية مخبرة عن لزوم الفساد بتقدير وجود آلهة فيهما مطلقا ؛ فيجب اعتقاد ملازمة الفساد بتقدير وجود الآلهة مطلقا. ثم الاختلاف : إما أن يتوقف عليه الفساد ، أو لا يتوقف. فإن توقف عليه الفساد ؛ فيجب اعتقاد ملازمة الاختلاف لوجود الآلهة مطلقا. حذرا من تعطيل دلالة اللفظ.
وإن لم يتوقف عليه الفساد ؛ فالسؤال مندفع من أصله.
قولهم : الفساد لازم حالا ، أو مآلا.
قلنا : الآية إنما وردت تقريعا لمن اعتقد إلها غير الله ـ تعالى ـ واحتجاجا على إبطال معتقده باتفاق الأمة ، وأهل التفسير ؛ فلو كان الفساد لازما مآلا ، لا حالا ؛ لم يكن التقريع والاحتجاج على إبطال ما اعتقدوه صحيحا ؛ إذ كان للمحتج عليه أن يقول : فالفساد لازم مآلا ، لا حالا.
قولهم : الفساد لازم من وجود آلهة فى السماء ، والأرض.
قلنا : الآية إنما وردت لبيان امتناع وجود آلهة غير الله ـ تعالى ـ تقريعا لمعتقد ذلك كما سبق.
وإنما يتم التقريع والدلالة أن لو حمل ذلك على الآلهة مطلقا غير أنه أضاف الآلهة إلى السماء والأرض نظرا إلى اعتقاد الجاهلية لذلك ، كما قال الله ـ تعالى ـ (أَيْنَ شُرَكائِيَ) (٣) وليس المراد بذلك تثبيت الشركاء ؛ بل ذكر ذلك نظرا إلى اعتقاد
__________________
(١) فى ب (على).
(٢) فى ب (يكون).
(٣) سورة النحل ١٦ / ٢٧.