المخاطب. وكذلك قوله عليهالسلام للجارية الخرساء : «أين الله؟» على ما سبق تحقيقه (١) فى مسألة إبطال الجهة ، ويدل على ذلك قوله تعالى (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ) (٢) ؛ فإنه يشعر بجواز أن يكون الله ـ تعالى ـ فى السماء ، والأرض.
ولهذا فإنه لو قال القائل : لو كان فى البلد عالم غير زيد لكان أصلح ؛ فإنه يشعر بكون زيد عالما ، وبجواز كونه فى البلد. ولو لم يكن زيد عالما ، ولا جائز الوجود فى البلد ، لم يكن الكلام صحيحا ، ولا من لغة العرب. ولا يخفى امتناع كون الرب / ـ تعالى ـ فى السماء والأرض ـ على ما سبق ـ غير أنه ذكر ذلك نظرا إلى اعتقاد المخاطبين لا غير
قولهم : يحتمل أن يكون الفساد لازما من اجتماع آلهة غير الله ـ تعالى ـ مع الله كما قرروه.
قلنا : الآية ظاهرة فى الإخبار عن لزوم الفساد ، من تقدير آلهة غير الله ؛ فإضافة الفساد إلى الجمعية مع الله ـ تعالى ـ تقدير زيادة على ما أضيف الفساد إليه ، من غير دليل ؛ فيمتنع.
قولهم : لم قلتم بعدم الفساد؟
قلنا : عنه أجوبة ثلاثة :
الأول : أن المراد من قوله ـ تعالى ـ (لَفَسَدَتا) : أى لخربتا على ما ذكره أهل التفسير ، وخراب (٣) السماء والأرض على ما هو المتبادر إلى الفهم من لفظ الخراب ، وهو انحلال التركيب ، وانفصال أجزاء التأليف ، واختلال الأحوال.
ولا يخفى أن السماء ، والأرض ، وما هما عليه من التأليف والتركيب ، غير منحل ولا مضطرب ، وما هو عليه من الأحوال من سير الكواكب والأفلاك ، وشرق النيرات ، وغروبها ، وصعودها ، وهبوطها ، ولزوم الفصول لها فى أوقاتها ، وجميع ما يلازمها من الآثار العلوية والسفلية ، فعلى غاية الاعتدال ، وحسن (٤) النظام فى نظر كل عاقل متبحر ، حتى
__________________
(١) فى ب (تقريره فى). انظر ل ١٥٤ / ب.
(٢) سورة الأنبياء ٢١ / ٢٢.
(٣) فى ب (أو خراب).
(٤) فى ب (وأحسن).