الثانى : أنه إذا كان الفعل قبيحا لاستحقاق الذم على فعله ، فإذا منع مانع من استحقاق الذم ، فقد منع المانع من كونه قبيحا.
الثالث : هو أن الاستحقاق يستدعى مستحقا عليه ، والمستحق عليه الذم :
إما الفاعل للقبيح ، أو غيره.
لا جائز أن يقال بالأول : فإنه لا يحسن بأن يقال بأنه يستحق الذم لنفسه على نفسه.
وإن كان غيره : فإما أن يكون هو الله ـ تعالى ـ أو غيره.
فإن كان هو الله ـ تعالى ـ : فهو باطل ؛ لأن الله ـ تعالى ـ لا يجب عليه شيء ، ولا يستحق على ما سنبينه (١).
وإن كان غير الله : فهو أيضا ممتنع. فإنّ من ترك الذم لغيره على فعل قبيح صدر عنه لا يقال إنه ترك مستحقا عليه.
وربما قيل بناء على هذا الأصل أيضا : أن القبيح هو الّذي يصح استحقاق الذم على فعله ، احترازا من الصغائر فى حق مجتنب الكبائر ، فإنها عندهم قبيحة كما سبق ، وهى غير مستحقة للذم ؛ بل يصح عليها استحقاق الذم ، وإن امتنع الاستحقاق لمانع.
وهذه العبارة وإن كانت / أشد من التى (٢) قبلها غير أنها فاسدة ، لما تقرر فى الوجه الأول من العبارة (٢) الأولى.
وأما من مال إلى مذهب الجبائى : فقد قال فى الحسن : هو ما للقادر عليه فعله ، مع وقوعه على وجه يقتضي تحسينه ، مع عروه (٣) عن وجوه القبح
والقبح : ما ليس للقادر عليه فعله ، مع وقوعه على وجه يقتضي تقبيحه. وفساد هذه الحدود بفساد كون الحسن ، والقبح وصفين ذاتيين للحسن ، والقبيح كما سيأتى عن قرب.
__________________
(١) فى ب (لما). انظر ل ١٨٦ / أوما بعدها.
(٢) بياض فى نسخة أمقداره سطر كامل.
(٣) فى ب (خلوه).