ومن هؤلاء من قال : الحسن هو ما للقادر عليه فعله. وهو أيضا باطل ؛ لأنه إما أن يراد بقولهم : للقادر عليه فعله. الإذن فى الفعل ، أو أنه غير ممنوع منه ، أو التمكن منه حقيقة ، أو معنى آخر.
فإن كان الأول : فإما أن يراد بالإذن. إذن الشارع / ، أو العقل. فإن أريد به إذن الشارع : فقد عاد تفسير الحسن إلى معنى شرعى.
ثم يلزم أن لا تكون الأفعال قبل ورود الشرع حسنة ؛ لعدم ورود الشرع بالإذن ، وهو خلاف مذهبهم.
وإن أريد به إذن العقل : فإما أن يراد به حكم العقل بأنه لا يستحق على فعله ذما ، ولا عقابا ، وإما معنى آخر.
فإن كان الأول : فهو راجع إلى الحد الأول ، وقد أبطلناه.
وإن كان الثانى : فلا بد من تصويره.
وإن أريد به القسم الثانى ، أو الثالث : فأفعال البهائم لازمة عليه.
وإن كان القسم الرابع : فهو غير معقول ، فلا بد من تصويره.
وربما زاد بعضهم فيه : مع العلم به ـ وقد عرف ما فى هذه الزيادة.
وأما القبيح :
فقد قيل فيه ـ بناء على هذا الأصل هو ما يستحق فاعله الذم على فعله ما لم يمنع من استحقاقه مانع. وإنما قيدوا الحدّ بقولهم : ما لم يمنع منه مانع ؛ لأنّ من أصلهم أنّ الصغائر قبيحة. غير أنها لا يستحق على فعلها الذمّ إذا صدرت ممن يجتنب الكبائر.
وهو أيضا فاسد من ثلاثة أوجه :
الأول : هو أن الكلام مبنى على أصل من لا يرى اختصاص الحسن ، والقبيح بصفة توجب تحسينه ، وتقبيحه ، ولا التقبيح ، والتحسين راجع إلى الشارع.
وعلى هذا : فالقول باختصاص أحد الفعلين باستحقاق الذمّ على فعله دون الآخر عقلا ، لا يكون معقولا.