الأول : هو مقدورات الله ـ تعالى ـ فى الأصلح غير متناهية. فما من أصلح ، إلا وفوقه ما هو أصلح منه ، إلى غير النهاية ، ووجوب رعاية ما لا يمكن الوقوف فيه على حد ، ونهاية ؛ ممتنع.
فإن قيل : إنما تمتنع رعاية الأصلح : أن لو لم يكن ما قيل بوجوب رعايته مقدورا مضبوطا ، وقد أمكن ضبط ذلك ، وتقديره لما يعلم الله ـ تعالى ـ أن الزيادة عليه مما توجب للعبد العتو ، والطغيان ، ولا محالة أن رعاية ذلك غير ممتنع.
قلنا : عنه جوابان :
الأول : هو أنه : ما من أمر يقدر طغيان الإنسان عنده ، إلا والرب تعالى قادر على عصمته عنه.
وعند ذلك : فاعتبار ما هو الأصلح ، من (١) الأصلح (١) الأول ، أولى.
الثانى : هو أن ما ذكروه ينقض قاعدتهم فى وجوب تكليف العبد ، رعاية لمصلحة العبد ، مع العلم بأنه سيكفر ، ويفجر ، فإن امتنع رعاية الأصلح نفيا للطغيان ؛ فليمتنع التكليف ، رعاية لدفع الفجور ، والكفران.
المسلك الثانى :
أن العالم (٢) فيه كفر ، وإيمان ، وخير ، وظلم ، وإحسان ، وعدل ، وجور إلى غير ذلك من المتقابلات التى أحد المتقابلين فيها حسن ، والآخر قبيح لذاته على أصلهم ؛ وكل واحد منهما مقدور لله ـ تعالى ـ ، وموجود بإيجاده على ما سنبينه.
وعند ذلك : إما أن يكون وجود ما قيل بحسنه ، أصلح من وجود ما قيل بقبحه ، أو وجود ما قيل بقبحه أصلح مما قيل (٣) بحسنه ، أو أن كل واحد منهما أصلح من الآخر ، أو لا واحد منهما أصلح من الآخر.
فإن كان الأول : فيلزم منه أن لا يوجد القبيح ؛ إذ الأصلح مقابله.
__________________
(١) ساقط من ب.
(٢) فى ب (العلم).
(٣) فى ب (من وجود ما).