فذهب العلاف ، والجبائى (١) ، وكثير من متقدمى المعتزلة : إلى دوامها ، كدوام الثواب ، ووجوب تأخيرها إلى الدار الآخرة زائدة على قدر ما يستحق من العوض معجلا ، وإلى إحباطها بالكفر والفسق ، كإحباط الثواب ، وإلا (٢) كان (٢) الكافر والفاسق ، مستحقا فى كل وقت فى الآخرة نعيم العوض ، وعقاب الكفر ، والجميع ممتنع.
وذهب أبو هاشم (٣) : إلى خلافهم فى الكل.
ومما اختلف فيه المعتزلة أيضا (٤) : أنه (٤) هل يتصور التفضل من الله تعالى بمثل العوض ابتداء ، أم لا؟ فمن لم يجوز ذلك ، جوّز الآلام لمجرد التعويض : كالجبائى ، وأبى الهذيل ، وقدماء المعتزلة. ومن جوز ذلك لم يجوز الآلام إلا بشرط التعويض واعتبار الغير بتلك الآلام ، وكونها ألطافا فى زجر غاو عن غوايته.
وذهب عباد الضيمرى (٥) : إلى جواز الآلام لمحض الاعتبار من غير تعويض.
وذهب أبو هاشم (٦) : إلى أن الآلام لا تحسن لمجرد التعويض مع القدرة على التفضل بمثل (٧) العوض. إلا إذا علم الله ـ تعالى ـ أنه لا ينفعه إلا بجهة التعويض.
واتفقوا على امتناع الإيلام دون هذه الأمور ؛ لأنه يكون ظلما ، والظلم قبيح لذاته. غير أنهم اختلفوا فى القبيح : هل هو مقدور لله ـ تعالى ـ أم لا؟
فذهب النظام ، والجاحظ ، وغيرهما من قدماء المعتزلة : إلى استحالة كونه مقدورا لله ـ تعالى ـ.
وذهب الجبائى ، وأبو الهذيل ، وكثير من المعتزلة : إلى كونه قادرا عليه ، غير أنه لما كان عالما بقبحه ، وعالما باستغنائه عنه استحال صدوره عنه ؛ لعدم الداعى إليه ، ولو صدر عنه لدلّ على جهله بقبحه ، أو على كونه محتاجا إليه ؛ وذلك على الله ـ تعالى ـ محال.
__________________
(١) انظر الأصول الخمسة ٤٩٤.
(٢) فى ب (وإلا لما كان).
(٣) انظر الأصول الخمسة ص ٤٩٤.
(٤) ساقط من ب.
(٥) انظر الأصول الخمسة ص ٤٨٩ ، ٤٩٠.
(٦) انظر الأصول الخمسة ص ٤٩٢.
(٧) فى ب (بغير).