وبيان (١) المقدمة الأولى بنصوص خمسة :
الأول : قوله ـ تعالى ـ : (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ* وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (٢)
ووجه الاحتجاج به أنه جعل ما يقدره الكفار نعمة استدراجا ، مفضيا إلى الهلكة ، وفى معناه قوله ـ تعالى ـ : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ* نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ) (٣)
الثانى : قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً) (٤)
الثالث : قوله ـ تعالى ـ : (فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) (٥)
الرابع : قوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ) (٦)
الخامس : قوله ـ تعالى ـ : (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ) (٧)
ووجه الاحتجاج به. أن الابتلاء بصورة الإكرام والإنعام ، لتعرضه للشكر ، والقيام بموجب ما أنعم عليه به. فإذا قابله بالكفر كان ذلك سببا لهلاكه ؛ ولذلك رد عليه ما توهمه من الإكرام والإنعام بقوله / تعالى : (كَلَّا) ؛ فقد ثبت أن ما يلزم من صور النعم عليهم من الإضرار راجح.
وبيان المقدمة الثانية :
وهى أن كل ما يكون الإضرار اللازم عنه راجحا ؛ فلا يكون نعمة ـ وإن كان ملتذا به ، ومتصورا بصور النعم ؛ بل هو نقمة ؛ فإن من قدم بين يدى إنسان طعاما لذيذا مشتهى ، وأذن له فى أكله ، ومكنه منه ، وهو مسموم ، والمضيف يعلم كون الطعام
__________________
(١) فى ب (بيان).
(٢) سورة الأعراف ٧ / ١٨٢ ، ١٨٣.
(٣) سورة المؤمنون ٢٣ / ٥٥ ، ٥٦.
(٤) سورة آل عمران ٣ / ١٧٨.
(٥) سورة التوبة ٩ / ٥٥.
(٦) سورة البقرة ٢ / ١٢٦.
(٧) سورة الفجر ٨٩ / ١٥.