لا نسلم عدم الأولوية : وغايته أنكم لم تطلعوا على ما به الأولوية بعد البحث التمام ، والسير الكامل ؛ وهو غير مفيد لليقين على ما تقدم (١).
وإن سلمنا أنه لا أولوية : فما المانع من القسم الثانى : وهو أن لا يكون قادرا على ما يكون مقدورا للعبد بتقدير إقداره.
قولكم : لو كان (٢) البارى ـ تعالى ـ قادرا مختصا ببعض الحركات والسكنات ؛ لما اختلف حكم الاختصاص بأن يقدر إقدار العبد أو لا ليس كذلك ؛ فإنه إذا كان كونه قادرا مختصا بما لا يقدر العبد عليه بتقدير إقداره. فلو قطعنا النظر عنه ؛ لكان قادرا مطلقا ؛ وهو خلاف الفرض.
وعلى هذا فللقائل أن يقول :
إذا علم الله ـ تعالى ـ / من جسم من الأجسام أنه لا يقدره على الحركة والسكون ؛ فالحركة والسكون اللذان لو أقدر الله العبد عليهما ، بتقدير أن لا يعلم عدم إقداره عليهما ؛ لا يكونان مقدورين للرب ـ تعالى ـ بتقدير علمه أنه لا يقدر العبد عليهما ـ ولا محالة أن موقع المنع صعب جدا.
والأقرب فى ذلك أن يقال :
قد ثبت بما قدمناه فى امتناع خالق غير الله ـ تعالى ـ وجوب تعلق قدرة الرب ـ تعالى ـ بكل ممكن.
وثبت بما قدمناه فى إثبات القدرة الحادثة ، وجوب تعلقها بمقدورها ؛ ويلزم من الأمرين أن يكون مقدور العبد اكتسابا ؛ مقدورا للرب خلقا.
فإن قيل : ما ذكرتموه ، وإن دل على جواز وجود مقدور واحد بين قادرين ؛ فهو معارض بما يدل على امتناعه.
وبيانه من أربعة أوجه :
الأول : أنه لو قدر مقدور بين قادرين : فإما أن يكونا قديمين ، أو محدثين ، أو أحدهما قديما ، والآخر محدثا.
__________________
(١) انظر ل ٣٩ / ب.
(٢) فى ب (كان كون).