ولا سبيل إلى الثانى : فإنه ليس إضافة الحكم إلى أحدهما أولى من الآخر. ثم يلزم منه أن يكون العلم قائما بشخص لم توجب له العالمية ، وفيه إبطال حقائق العلل ، والمعلولات.
فإن قيل : لو كان للذات الواحدة وجودان ؛ فيلزم من تقدير وقوع أحدهما ، وانتفاء الآخر ؛ أن تكون الذات الواحدة موجودة ، غير موجودة ؛ لما ثبت من أحد الوجودين ، وانتفاء الآخر ؛ وهو محال.
فلقائل أن يقول :
ما المانع من تلازم الوجودين على وجه يتعذر الانفكاك بينهما؟ ولا يبعد (١) ذلك فى الأحوال بالنسبة إلى ذات واحدة كما فى التلازم الواقع بين قبول / الجوهر للأعراض ، وكونه متحيزا.
وإن سلم : جواز تقدير ثبوت أحدهما ، ونفى الآخر ؛ ولكن لا يلزم منه كون الذات منفية مع تقدير ثبوت أحد الموجودين لها ، وإنما يلزم ذلك أن لو قدر انتفاء الوجودين ؛ فإنه لا يلزم من انتفاء إحدى العلتين ، انتفاء معلولها ما لم يقدر انتفاء جميع العلل.
وأما القدرة الحادثة : فيظهر أيضا امتناع تعلقها بمقدورها من وجهين على رأى من يرى أنها متعلقة بعين مقدور القدرة القديمة ، من غير تأثير لها فيه ؛ وأن الوجود الّذي هو متعلق القدرة القديمة ؛ هو نفس الذات المقدورة على ما تقدم تقريره.
وأما من يرى أنها مؤثرة فى نفس وجود الذات ، وأن الوجود زائد على الذات المقدورة : فيبعد امتناع ذلك على رأيه ؛ كما حققناه فى القدرة القديمة.
وأما من يرى أنها مؤثرة فى ثبوت حالة زائدة على نفس الذات المقدورة بالقدرة القديمة : كالقاضى أبى بكر ؛ فيبعد أيضا امتناع ذلك على معتقده من حيث أنه إذا لم يمتنع أن يكون للذات الواحدة حالة زائدة تكون القدرة مؤثرة فيها ، فلا يمتنع أن يكون لها حالتان ؛ تكون القدرة الواحدة مؤثرة فيهما.
__________________
(١) فى ب (ولا يتعذر).