فإن قيل : قد دل الدليل على أن فعل العبد مخلوق لله ـ تعالى ـ على ما (١) سبق ؛ وعلى ما يأتى ؛ ودلّ الدليل على تعلق قدرة العبد بالفعل ، وتعلقها به من غير تأثير فيه ؛ لقدم التعلق ، ودل الدليل على امتناع مخلوق بين خالقين ؛ فيلزم من المجموع دلالة الدليل على تعلق القدرة الحادثة بصفة زائدة ، ولم يدل على أكثر من ذلك ، وإثبات صفة مجهولة غير معلومة ، بلا اضطرار ولا نظر ؛ ممتنع.
وأيضا : فإنه لو جاز أن تؤثر القدرة فى إثبات صفتين للمقدور المكتسب ؛ لجاز تقدير ثبوت إحدى الصفتين دون الأخرى ؛ ويلزم من ذلك أن تكون الذات المكتسبة مقدورة ، ضرورة وجود إحدى الصفتين ، وغير مقدورة ؛ لعدم الصفة الأخرى ؛ وهو ممتنع.
وأيضا : فإنه لو جاز تأثير القدرة الحادثة فى ثبوت صفتين ؛ لم يمتنع أن تكون القدرة الحادثة مؤثرة فى ثبوت إحدى الصفتين حالة الحدوث ، وفى الأخرى حالة بقاء الذات ؛ ويلزم من ذلك جواز كون الباقى مقدورا للعبد مع امتناع كونه مقدورا للرب ـ تعالى ـ ؛ وهو محال.
قلنا : أما ما (٢) ذكر من دلالة الدليل على وجود تأثير القدرة / الحادثة فى صفة زائدة ؛ فسيأتى إبطاله فى خلق الأعمال (٣).
وإن سلم دلالة الدليل على ذلك ؛ فحاصل ما ذكره يرجع إلى انتفاء المدلول ؛ لانتفاء الدليل (٤) ؛ وقد سبق إبطاله (٥).
وقوله : بأنه لو جاز ذلك ؛ لجاز تقدير ثبوت إحدى الصفتين دون الأخرى ؛ فقد سبق إبطاله فى القول بتعدد الوجود.
والقول بأنه لو جاز ذلك لم يمتنع تأثير القدرة الحادثة فى ثبوت إحدى الصفتين حالة الحدوث ، وفى الأخرى حالة البقاء إلي آخره. فمبنى على بقاء الأعراض ؛ وهو غير مسلم على ما يأتى تحقيقه (٦).
__________________
(١) فى ب (كما).
(٢) فى ب (ما ذكره).
(٣) انظر ل ٢٥٨ / أوما بعدها.
(٤) فى ب (دليله).
(٥) انظر ل ٣٨ / ب.
(٦) انظر الجزء الثانى ل ٤٤ / ب وما بعدها.