وإن سلمنا البقاء ، والاستمرار : ولكن لا نسلم أن ذلك يفضى إلى كون الباقى الّذي ليس مقدورا للرب ـ تعالى ـ حالة بقائه مقدورا للعبد ؛ فإن مقدور العبد إنما هو الصفة الزائدة على نفس الذات الباقية. لا نفس الذات الباقية.
وإن سلمنا لزوم ما ذكر : لكن ما ذكره (١) فى الصفتين لازم عليه فى الصفة الواحدة ؛ وذلك بأن يخلق الله ـ تعالى ـ مقدور العبد ، ثم يخلق له القدرة حالة بقاء المقدور على تلك الصفة ؛ فإنه يلزم أن يكون العبد قادرا حالة البقاء على الباقى مع كونه غير مقدور للرب ـ تعالى ـ وما هو الجواب فى الصفة الواحدة ؛ هو الجواب فى الصفتين.
وأما أن القادر على الحركة : هل يمكن أن يحرك جزءا من أجزائه الفردة ، دون حركة ما هو متصل به من الأجزاء؟ فالذى عليه اتفاق المعتزلة : امتناع ذلك ؛ لأنه لا يتصور ذلك إلا بسكون باقى الأجزاء ، وانفصال (٢) ذلك الجزء عنها ؛ ويلزم من ذلك أن لا يكون تحركه بالقدرة ؛ لاختلال شرطها : من البنية المخصوصة ؛ وهو (٣) مبنى على فاسد (٤) أصولهم فى اشتراط البنية ؛ وهو باطل على ما سبق. وأنه لا مانع من خلق الله ـ تعالى ـ القدرة على الحركة فى الجوهر الفرد. ثم لو قيل : لمن جوز منهم وقوع المقدور فى الحالة الثانية من وجود القدرة ـ وإن كانت القدرة معدومة حالة وجود المقدور ـ ما المانع أن تكون حركة الجوهر الفرد حالة انفصاله بقدرة موجودة حالة التأليف ـ وإن كانت معدومة حالة الانفصال؟ لم يجد إلى الانفصال عن هذه المطالبة مخلصا.
__________________
(١) فى ب (ما ذكروه).
(٢) فى ب (او انفصال).
(٣) فى ب (أو هو).
(٤) فى ب (فساد).