ووافقه أبو هاشم فى قول. وخالفه فى قول.
وزعم : أن العلم الضرورى يكون مانعا فى ابتداء حدوثه من حدوث العلم الكسبى ، ولا يكون مانعا منه فى دوامه (١) ، وأنه يكفى فى امتناع وجود العلم الضرورى فى دوامه ، وجود ضد واحد من أضداده.
احتج الجبائى على مذهبه بمسلكين :
الأول : أنه لو لم يكن العلم الضرورى في بقائه مانعا من حدوث العلم الكسبى ؛ لأمكن حدوث العلم الكسبى ، ولو حدث العلم الكسبى ؛ لكان مانعا من بقاء / العلم الضرورى ؛ وهو ممتنع. فإنه لا يخفى أن جعل الباقى مانعا من حدوث الحادث لاستقلاله بالوجود فى حالة البقاء. أولى من جعل الحادث مانعا من بقاء الباقى. مع كونه غير مستغن فى حدوثه عن العلة الموجبة لحدوثه ، وخرج عليه ما إذا اجتمع ضدان ، أو أكثر من أضداد العلم الضرورى ؛ حيث أنها تكون مانعة من بقائه ؛ لقوتها فى الممانعة بالنسبة إلى الواحد منها.
المسلك الثانى :
أنه لو لم يكن العلم الضرورى فى حال بقائه مانعا من ضده ؛ لأمكن العالم بنفسه ، وألمه ، ولذته. من إزالة علمه بذلك ، وهو ممتنع مخالف للمعقول.
واحتج أبو هاشم على القول المخالف لأبيه : بأن العلم الضرورى بالشيء يماثل العلم الكسبى به ، ومن علم شيئا علما كسبيا ، أمكنه نفيه بإيجاد ضد واحد من أضداده ؛ فكذلك العلم الضرورى ؛ ضرورة أن ما ثبت لأحد المثلين يكون ثابتا للمثل الآخر.
ولا بد من التنبيه على ما فى هذه الحجج.
أما الحجة الأولى للجبائى.
قوله : لو لم يكن العلم الضرورى فى بقائه مانعا من العلم الكسبى ؛ لأمكن حدوث العلم الكسبى ؛ مسلم.
__________________
(١) فى ب (رواية).