وبيان ذلك : هو أن العبد إذا كان قادرا على إيجاد السكون فى الجوهر ؛ فلا نزاع فى أن الرب قادر على إيجاد السكون أيضا فى ذلك الجوهر.
وعند ذلك : فإما أن يكون ما هو متعلق قادرية (١) الله ـ تعالى (١) ـ هو عين متعلق قدرة العبد ؛ أو غيره.
فإن كان الأول ؛ فهو المطلوب.
وإن كان الثانى ؛ فهو (٢) باطل (٢) ؛ لأن المقدور قبل وجوده عدم صرف ، والعدم (٣) الصرف يمتنع وجود أعدام (٣) متمايزة فيه ، حتى يقال : بأن منه ما هو مقدور الرب ، ومنه ما هو مقدور العبد ، وبتقدير جواز التعدد ، والتغاير ؛ فيلزم أن يكون مقدور العبد (٤) مقدورا لله ـ تعالى ـ وبيانه من وجهين :
الأول : أن الإجماع منعقد على أن الرب ـ تعالى ـ قادر على مثل كل ما يقدر عليه العبد ؛ فوجب أن يكون قادرا على فعل العبد ؛ ضرورة كونه قادرا على مثله ؛ لأن ما ثبت لأحد المثلين ؛ يكون ثابتا للمثل الآخر.
الثانى : هو أن الله ـ تعالى ـ قادر على بعض الموجودات بالاتفاق ، والمصحح لذلك : إنما هو الإمكان / على ما تقدم ، وفعل العبد ممكن ؛ فكان مقدورا لله ـ تعالى ـ وإذا كان مقدور العبد ، هو مقدور الرب ؛ لزم حصول مخلوق بين خالقين.
وبيان ذلك : هو أن البارى لو علم حصول المصلحة فى إيجاده هو لذلك الفعل ، فحينئذ يحاول البارى ـ تعالى ـ إيجاد ذلك الفعل ، فلو قدرنا أن العبد حاول إيجاد ذلك الفعل. فإما أن لا يوجد ذلك الفعل ، أو يوجد. لا جائز أن يقال بالأول : لأن الفعل كان ممكنا. وامتناع الوجود : إما أن يكون لتعلق قادرية كل واحد منهما به ، أو لوقوع المقدور ، وكل واحد من القسمين محال ؛ لما تقدم فى المسلك الّذي قبله.
__________________
(١) فى ب (قدرة الله).
(٢) فى ب (فباطل أيضا).
(٣) فى ب (يمنع وجود أعداد).
(٤) فى ب (الرب).