وإن كان الثانى : فإما أن يكون وجود ذلك الفعل بأحدهما ، أو بهما. لا جائز أن يقال بالأول : لاستوائهما فى الاستقلال بالتأثير ، وعدم الأولوية.
وإن كان الثانى : فقد لزم وجود خلق بين خالقين ؛ وهو محال كما تقدم تقريره (١).
وهو بعيد عن التحقيق أيضا ؛ إذ لقائل أن يقول :
لا نسلم أنه لو صلحت القدرة الحادثة للإيجاد ، أنه (٢) يلزم حصول (٢) مخلوق بين خالقين.
قولهم : لأنه يلزم أن يكون مقدور العبد ، مقدورا للرب ـ تعالى ـ لا نسلم ذلك.
قولهم : إذا كان العبد قادرا على إيجاد السكون فى الجوهر ؛ فالرب قادر عليه أيضا.
قلنا : الرب ـ تعالى ـ وإن كان قادرا على إيجاد السكون فى الجوهر ؛ فلا نسلم أن العبد قادر على إيجاد السكون فى الجوهر.
أما على أصول (٣) أصحابنا : فظاهر. فإن مقدوره : لا يخرج عن محل قدرته ، وهو الفعل القائم به ، والسكون : فصفة فى الجوهر ؛ فلا يكون مقدورا للعبد ، ولا هو مخلوق له ؛ بل هو مخلوق لله ـ تعالى.
وأما على أصول المعتزلة : فهو ممنوع على مذهب كثير منهم : كثمامة (٤) ، ومعمر ، وغيرهما.
وعلى هذا : فقد بطل كل ما يبنى عليه من الأحكام ، والأقسام.
وإن سلمنا أن العبد قادر على إيجاد السكون فى الجوهر ، وكذلك الرب ـ تعالى : ولكن ما المانع من تعدد المقدور؟
قولهم : لأن المقدور قبل
وجوده عدم صرف ، والعدم لا تمايز فيه.
__________________
(١) انظر ل ٢١٧ / ب وما بعدها.
(٢) فى ب (للزم منه وجود).
(٣) فى ب (أصل).
(٤) ثمامة بن أشرس النميرى. أبو معن ، من كبار المعتزلة البغداديين. كان شيخا للثمامية المنسوبة إليه ، وأحد الفصحاء البلغاء المقدمين ، كان له اتصال بالرشيد ، والمأمون ، والمعتصم ، ويقال إنه الّذي أقنع المأمون بالاعتزال ، وتوفى سنة ٢١٣ ه.
(الفرق بين الفرق ١٧٣ والملل ٧٠ وتاريخ بغداد ٧ / ١٤٥. وراجع ما سيأتى فى الجزء الثانى ـ القاعدة السابعة : عن الثمامية المنسوبة إلى ثمامة بن أشرس ل ٢٤٦ / أوهامشها.