وبيان الملازمة : من وجهين :
الأول : هو أن السبب ليس شرطا فى وقوع القدرة : لوجودها دون وجود السبب عندهم ، ولا هو شرط لوقوع جنس المتولد ؛ بدليل ما لو كان جنس المتولد واقعا بقدرة الله ـ تعالى ـ فإنه لا يفتقر إلى سبب على أصولهم. ولو كان السبب شرطا فى الشاهد ؛ لكان شرطا فى الغائب : كالحياة مع العلم ، ولا عدم السبب مانع من إيجاده بالقدرة ؛ لما ذكرناه فى الشرط.
وإذا كانت القدرة مقتضية له ، والسبب ليس شرطا للقدرة ولا له ، ولا عدم السبب مانعا ؛ لزم وجود المقدور بها من غير توقف على السبب.
الثانى : أنه لو افتقر فى كونه مقدورا إلى وجود السبب ؛ لافتقر السبب فى كونه مقدورا إلى سبب آخر ؛ وهو تسلسل ممتنع.
وإن كان حدوثه عن نفس السبب على انفراده ؛ فهو ممتنع لوجهين :
الأول : أن السبب عندهم يجوز تقدمه على المسبب. فإذا جاز وجود السبب فى زمان دون مسببه ، أمكن ذلك فى كل زمان ؛ لعدم تأثير الأزمنة فى اقتضاء الأسباب لمسبباتها ؛ وذلك (١) يدل على امتناع إيجاب السبب للمسبب.
الثانى : أنه لو كان السبب موجبا للمسبب ؛ لما جاز تأخر المسبب عنه ، كما فى إيجاب العلة / لمعلولها ؛ ضرورة اتحاد معنى الإيجاب. وإن كان الحدوث بالسبب ، والقدرة معا ؛ فيلزم منه جواز وجود مقدور بقدرتين ؛ وهو محال على ما تقدم.
وكل ما يدل على امتناع مقدور واحد بقدرتين ؛ فهو لازم هاهنا. وإن كان لا بالقدرة ، ولا بالسبب ؛ فلا تولد ؛ وهو المطلوب.
وهذا المسلك ضعيف ؛ إذ لقائل أن يقول :
ما المانع من كون المتولد حادثا عن القدرة؟
__________________
(١) ابتداء من قوله (وذلك يدل على امتناع ... إلى قوله («فى اقتضاء الأسباب لمسبباتها» السطر الأول من ل ٢٧٤ / ب ساقط من النسختين ب ، ج).