وما ذكرتموه فى الوجه الأول : فحاصله يرجع إلى إلزام الخصم بمذهبه ، وذلك لا يدل على امتناع الإيجاب بالقدرة بالنسبة إلى من لا مذهب له ، وكذلك لو قدر قول الخصم : أخطأت فيما ألزمتنى إياه. فما الدليل على المطلوب؟ وذلك مما لا مخلص منه إلا بالانتقال إلى طريق آخر.
وأما الوجه الثانى :
فمبنى على أن الرب ـ تعالى ـ قادر على مثل المتولد من فعل العبد ؛ وهو ممنوع على ما سبق من مذهب البلخى.
وإن سلمنا أنه قادر على مثل فعل العبد : ولكن لا نسلم أنه لا يتوقف على واسطة ؛ بل ما كان متولدا من أفعال العبد ، جاز أن يكون فعله متولدا من فعل الله ـ تعالى ـ على ما هو مذهب بعض المعتزلة.
وإن سلمنا امتناع جواز مثل ذلك فى حق الله ـ تعالى ـ : ولكن لا يلزم مثله فى حق العبد إلا بطريق قياس الشاهد على الغائب ؛ وهو ممتنع لما سلف (١).
وأما الوجه الثالث :
فحاصله يرجع إلى إلحاق السبب بالعلة بقياس تمثيلى ؛ وهو فاسد لما سبق أيضا (٢).
وأما الوجه الرابع :
فلا نسلم دعوى الملازمة فيه.
قولكم فى الوجه الأول : السبب ليس شرطا فى حق الغائب فى جنس المتولد من مقدور العبد ؛ غير مسلم.
وإن سلم : أنه ليس بشرط فى حق الغائب ؛ فلا يلزم من اشتراطه فى الشاهد اشتراطه فى الغائب إلا بالقياس التمثيلى ؛ وهو غير صحيح على ما عرف.
__________________
(١) انظر ل ٤٠ / أ.
(٢) انظر ل ٣٩ / أ.