متضادين ؛ فإن السواد والبياض ضدان ، ولا تعلق لأحدهما بمتعلق الآخر على النقيض ، وكذلك الموت ؛ فإنه عندنا ضد الإرادة (١) ، وليس هو على ما ذكروه.
وإن سلمنا : أنه لا بد وأن يكون الأمر فى المتضادين على ما ذكروه ؛ ولكن لا نسلم أن السهو الّذي هو مضاد (للإرادة) (٢) غير متعلق بمتعلق الإرادة ؛ فإن إرادة الشيء يضادها السهو عن ذلك الشيء ، لا عن غيره.
وعلى هذا : فلا يلزم من كون السهو عن القديم والباقى ، غير مضاد للإرادة ، أن لا يكون السهو عن الشيء مضادا لإرادة ذلك الشيء.
أما الحجة الثانية :
فلا نسلم أن ما ضاد مختلفين ؛ أنه (٣) لا بد (٣) من تضاد المختلفين ، ولا أنه يلزم من وقوع ذلك فى بعض المتضادات ، طرده فى الباقى ؛ فإن عندنا الموت مضاد للعلم ، والقدرة ، والإرادة ؛ ولا تضاد بين العلم ، والقدرة ، والإرادة ، ومجرد الدعوى فى ذلك غير مقبولة فى ما ليس بضرورى.
ومن مذهب الشيخ : إن الإرادتين المتعلقتين بالضدين فى وقت واحد فى محل واحد ؛ ضدان : كإرادة الحركة يمنة ، وإرادة الحركة يسرة.
قال القاضى أبو بكر : والّذي يصح عندى عدم / التضاد محتجا على ذلك بأن من جهل تضاد شيئين. وقدر فى نفسه جواز اجتماعهما ؛ فإنه يتصور منه إرادتهما معا على رأى الشيخ ، ولو تضادا ، لما اختص امتناع الجمع بينهما بحالة العلم دون غيره : كالسواد ، والبياض ؛ فإنهما لما تضادا امتنع الجمع بينهما مطلقا سواء علما ، أو جهلا.
وفيه نظر ؛ إذ الإرادة على ما حققناه : عبارة عن معنى من شأنه أن يتخصص به كل واحد من الجائزين بدلا عن الآخر ، وما لا يكون كذلك ؛ فغير خارج عن القصد ، والتمنى ، والشهوة ، والميل ، والعزم ، وليس إرادة على التحقيق.
وعلي هذا : فتعلق الإرادة بالمراد لا معنى له غير تخصيص (٤) المراد (٤) بها ؛ فلا يعقل تعلقها بالمراد من غير تخصيص له بها.
__________________
(١) فى ب (للإرادة).
(٢) فى أ (الإرادة).
(٣) فى ب (فلا بد).
(٤) فى ب (تخصيصه).