وعند ذلك : فلا يخفى أن تعلق الإرادتين (بالضدين) (١) ممتنع سواء علم تضادهما ، أو لم يعلم ؛ ضرورة استحالة تخصيصهما معا فى وقت واحد ، فى محل واحد ، ولا معنى لتضاد الإرادتين غير امتناع اجتماع تعلقهما بالضدين معا.
وعلى هذا : فالمذهبان مدخولان.
أما مذهب الشيخ : فلاعتقاده أنه لا تضاد حالة الجهل.
وأما مذهب القاضى : فلاعتقاده انتفاء التضاد مطلقا. فإن قال ناصر كلام القاضى أن الإرادة الحادثة عندكم غير مخصصة للمراد كما أن القدرة الحادثة غير مؤثرة فى الإيجاد ؛ فكيف يصح هذا النبأ؟
قلنا : وإن كانت الإرادة الحادثة غير مؤثرة فى التخصيص ، فمعنى تعلقها بالمراد ، وقوع التخصيص مقارنا لها. كما أن القدرة الحادثة غير مؤثرة فى الإيجاد. ومعنى تعلقها بالمقدور مقارنته لها ، على ما تقدم.
ولا يخفى : أن تعلق الإرادة الحادثة بالمراد ـ على هذا التفسير ـ مما يمنع من الجمع بين تعلق الإرادتين بالضدين على ما عرف.
وعلى هذا : فكل ضدين لا واسطة بينهما ، ويمتنع عرو المحل عنهما ؛ فيمتنع الكراهية لهما ؛ إذ من ضرورة الكراهية لهما امتناع إرادة كل واحد منهما ؛ لاستحالة الجمع بين كراهية الشيء ، وإرادته. ويلزم من ذلك خلو المحل عنهما ؛ وهو محال.
وإن كان بينهما واسطة ؛ فلا يمتنع تعلق الكراهة (بهما) (٢) ؛ لإمكان اجتماعهما فى العدم.
__________________
(١) فى أ (لضدين).
(٢) فى أ (لهما).