ولا جائز أن يقال بتقدمها عليها : لأن ذلك يجر إلى اجتماع الإرادتين لضدين مع العلم بهما فى وقت واحد ؛ وذلك محال.
فلم يبق إلا القسم الثانى : وهو وجوب وقوع ما عينه من الحركة فى الوقت الثانى ، وهو المعنى بإيجاب الإرادة للمراد (١).
واعلم أن هذه الحجة إنما تلزمنا : أن لو قلنا بوجوب تأثير الإرادة فى المراد بالتخصيص ، وليس كذلك ؛ بل غايته أنا نقول بوجوب مقارنتها للمراد من غير تأثير كما قلنا فى القدرة ، وليس القول : بكون الإرادة موجبة للمراد بسبب المقارنة بينهما من غير تأثير لأحدهما فى الآخر ، بأولى من كون المراد موجبا للإرادة ؛ كما سبق فى القدرة.
وإن سمى مسم الإرادة موجبة بهذا الاعتبار ؛ فلا منازعة معه فى غير التسمية ؛ بل هذه الحجة لازمة على المعتزلة القائلين بأن الإرادة غير موجبة للمراد ، مع اعترافهم بتأثيرها فى صفة المراد ، ولصعوبة معركها على أصلهم.
اختلفوا فى جوابها ؛ بعد الاتفاق منهم على جواز وقوع الحركة فى الوقت الثانى من وجود الإرادة إلى خلاف جهة الحركة المرادة.
فمنهم من قال : بأنها (٢) تقع مرادة إذ لو وقعت غير مرادة ؛ لأمكن ذلك فى كل حركة لما سبق.
ثم من هؤلاء من قال : بأن الإرادة لضد الحركة المرادة أو لا تقع مقارنة لها ، (٣) لا مقدمة (٣) عليها ، حتى لا تجتمع إرادتان لضدين فى وقت واحد ـ مع العلم بهما ـ إذ هو محال ؛ لما سبق ؛ وهذا هو قول الجبائى.
ومنهم من قال : إنها تقع بإرادة متقدمة عليها ، ولو وقع ذلك ؛ لما كانت الإرادة الأولى ؛ وهذا هو قول أبى هاشم.
ومن المعتزلة القائلين بامتناع إيجاد الإرادة للمراد من قال : / (٤) بأن الحركة المرادة (٤) تقع فى الوقت الثانى من غير إرادة ؛ لأنها لو كانت مرادة ؛ فالإرادة : إما مقارنة لها ، أو متقدمة عليها.
__________________
(١) فى ب (للمريد).
(٢) فى ب (أنها).
(٣) فى ب (لا متقدمة).
(٤) فى ب (أن الحركة المضادة).