فقد أجاب عنه : الأستاذ أبو إسحاق : بأن إرادة المعنى (١) الّذي به بقاء الباقى ممكن.
وأما الباقى من غير بقاء : فغير ممكن ؛ فلا (٢) تتعلق به الإرادة (٢). وليس بحق ؛ فإنه إن (٣) كان الباقى باقيا بنفسه ؛ فالإشكال لازم. وإن كان باقيا بمعنى : فلو قيل : لم لا يجوز أن تتعلق الإرادة بالباقى مع جوازه ، وبقطع النظر عن المعنى الموجب للبقاء؟ لم يكن ما ذكره الأستاذ فى الجواب كافيا.
والحق فى الجواب : أنه لا امتناع من تعلق الإرادة بالباقى. وإنما الّذي يمتنع تعلقها به تجدد وجود الباقى ؛ فإنه محال. وعليه معول إمام الحرمين.
هذا ما قاله الأصحاب : فى تعلق الإرادة بالمراد.
والواجب إنما هو التفصيل فى هذا الباب ؛ وهو أن يقال :
إن أريد بالإرادة : المعنى الّذي من شأنه تخصيص الحادث بوقت حدوثه وبحالة دون حالة ، كما أسلفناه فى تحقيق معنى الإرادة ؛ فيمتنع تعلقها بما لا تكون مخصصة له. وسواء كان جائزا فى نفسه ، أو لم يكن كما أسلفناه فى الفصل الثانى من هذا الأصل (٤).
وإن أريد به ما سوى ذلك : من القصد له ، أو التمنى ، أو الشهوة ، أو الميل ، أو غيره ؛ فمسلم.
وعلى كل حال ؛ فلا يتصور أن يكون الفاعل عالما بفعله ، إلا وهو مريد له بموافقة جميع المعتزلة. ما سوى المتولدات من الأسباب ؛ فإنها يجوز أن تكون عندهم مرادة ، وغير مرادة. وإن / كانت (٥) من أفعال فاعل السبب.
وأما الإرادة : فلو أقدر الله ـ تعالى ـ عبده على الإرادة ، فهل يجب أن تكون تلك الإرادة مرادة له بإرادة أخرى؟ وهل تتعلق إرادته ، بإرادته المقدورة (٦) ، أم لا؟
__________________
(١) فى ب (المعتزلة).
(٢) فى ب (ولا تتعلق الإرادة به).
(٣) فى ب (ما)
(٤) انظر ل ٢٨٢ / ب.
(٥) فى ب (كان).
(٦) فى ب (المعدومة).