عذره. ومع ذلك يعد العبد مطيعا : بتقدير الامتثال. وعاصيا : بتقدير المخالفة ، ويتحقق تمهيد عذر السيد بتقدير المخالفة. ولو لا أن ما أتى به نهى (١) ؛ لما تحقق شيء من ذلك.
قولهم : إنما يتحقق صرف قوله : لا تفعل إلى النهى دون غيره من المحامل بكراهة (٢) الفعل المنهى عنه ؛ لا نسلم ذلك. وما المانع من الصرف بقرينة أخرى غير ما ذكروه؟ وما المانع أن يكون الصارف القرائن الدالة على اللوم ؛ بتقدير الفعل. والثناء ؛ بتقدير الترك قصدا؟
قولهم : الكفر ، والمعاصى من الكائنات ؛ مسلم.
قولهم : لو كان مرادا لله ـ تعالى ـ ؛ لكان الكافر ، والعاصى مطيعا بموافقته للإرادة.
قلنا : الكفر ، والمعصية من حيث هو فعل حادث مراد لله ـ تعالى ـ لا من حيث هو كفر ، ومعصية على ما سبق.
وعلى هذا : فلا يلزم أن يكون الكافر بكفره ، وبمعصيته مطيعا.
وإن سلمنا أن الكفر والمعصية مرادان : ولكن لا نسلم تحقق الطاعة بفعل المراد من حيث هو مراد ؛ بل من جهة كونه مأمورا به لظهور الأمر ، وشهرته بخلاف الإرادة ؛ إذ هى كامنة باطنة.
ولهذا يقال فى العرف : فلان مطاع الأمر. ولا يقال : فلان مطاع الإرادة ومنه قوله ـ تعالى ـ إنباء (٣) عن قول موسى لهارون : عليهماالسلام (أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) (٤) ولم يقل إرادتى.
والّذي يدل على أن موافقة الإرادة ليست طاعة أمور ثلاثة :
الأول : أنه لو أراد مريد من شخص شيئا ، فوقع المراد من فعل ذلك الشخص على وفق إرادة المريد من غير شعور للفاعل بإرادة المريد ؛ فإنه لا يكون طاعة ، وإن تحقق ما ذكروه من موافقة الفعل للإرادة.
__________________
(١) فى ب (منهى).
(٢) فى ب (بكراهيته).
(٣) فى ب (اخبارا).
(٤) سورة طه ٢٠ / ٩٣.