الثانى : أنه ليس جعل الناسوت لاهوتا بتركيبه مع اللاهوت ، أولى من جعل اللاهوت ناسوتا من جهة تركبه مع الناسوت ؛ ولم يقولوا به.
وأما جوهر الفحمة إذا ألقيت فى النار ؛ فلا نسلم أن جوهرها صار بعينه جوهر النار ؛ بل صار مجاورا لجوهر النار. وغايته أن بعض صفات جوهر الفحمة ، وأعراضها ؛ بطلت بمجاورة النار (١).
أما أن جوهر أحدهما (٢) انقلب إلى جوهر الآخر وصار (٢) هو ، هو ؛ فلا.
وقولهم : إن الاتحاد بالناسوت الجزئى دون الكلى ؛ فهو محال ؛ لما تقدم فى إبطال الاتحاد ، وحلول القديم بالحادث (٣) ، وبه يبطل قولهم : إن مريم ولدت إلها.
وقولهم : بأن (٤) القتل ، والصلب وقع على اللاهوت ، والناسوت معا ، فهو فرع تركب اللاهوت / بالناسوت ؛ وقد أبطلناه.
كيف وأن القول بوقوع القتل على اللاهوت ؛ مما يوجب موت الإله ضرورة ، والقول بذلك يغنى عن إبطاله.
وأما قول من قال : بأن المسيح مع اتحاد جوهره ، قديم من وجه ، محدث من وجه ؛ فهو أيضا باطل ؛ فإنه إذا كان جوهر المسيح متحدا لا كثرة فيه ؛ فالحدوث : إما أن يكون لعين ما قيل بقدمه ، أو لغيره.
فإن كان الأول : فهو محال ، وإلا كان الشيء الواحد قديما : لا أول له ، حادثا : له أول ؛ وهو تناقض ممتنع.
وإن كان الثانى : فهو خلاف الفرض.
وأما قول من قال منهم : إن الكلمة مرت بمريم كمرور الماء فى الميزاب ؛ فيلزم منه انتقال الكلمة ؛ وهو ممتنع كما سبق. وبه يبطل قول من قال : إن الكلمة كانت تداخل جسد المسيح تارة ، وتفارقه تارة.
__________________
(١) فى ب (جوهر النار).
(٢) فى ب (الآخر صار).
(٣) انظر ل ١٥٥ / أوما بعدها.
(٤) فى ب (إن).