وقولهم : إن ما ظهر من صورة المسيح فى الناسوت لم يكن جسما ؛ بل كان خيالا : كالصورة المرئية فى المرآة : فهو باطل ؛ لأن من أصلهم أن المسيح : إنما أحيا الميت ، وأبرأ الأكمه ، والأبرص ، بما فيه من اللاهوت. فإذا كان ما (١) ظهر من اللاهوت (١) فيه لا حقيقة له ، بل هو خيال محض ؛ فلا يصلح لحدوث ما يحدث عن الإله عنه.
والقول بأن أقنوم الحياة مخلوق حادث : ليس كذلك ؛ لما سبق فى الصفات (٢) ؛ بل هو قديم أزلى.
كيف : وأنه لو كان حادثا ؛ لكان الإله قبله غير حي ، ومن ليس بحى لا يكون عالما ، ولا ناطقا.
وقول من قال : بأن المسيح مخلوق قبل كل شيء ، وهو خالق كل شيء ؛ فباطل بما [سيأتى] (٣) من امتناع خالق غير الله تعالى.
وأما من ذكروه من الاحتجاج على كون المسيح إلها : بالحجة العقلية ، فالجواب عنها من وجهين :
الأول : أنا لا نسلم أن ما صدر على يده ، من الأمور الخارقة للعادة. كانت من فعله ؛ بل لعلها صدرت عن خلق الله ـ تعالى ـ لها ببركة دعائه على سبيل الإعجاز : كمعجزات سائر الأنبياء عليهمالسلام. ولو دل ذلك على كونه إلها ؛ لدل صدور باقى المعجزات الخارقة للعادة على يد غيره من الأنبياء على كونه إلها ؛ وهو ممتنع بالإجماع منا ، ومنهم.
الثانى : أنه لو جاز أن يكون المسيح إلها ؛ لجاز أن يكون كل من تلقاه من آحاد الناس إلها. وإن لم يوجد فى حقه مثل هذه الخوارق ؛ فإن الخوارق غايتها أنها دليل الوقوع ، ولا يلزم من انتفاء الدليل / انتفاء المدلول فى نفسه على ما سبق (٤). ولا يخفى أن القول بذلك من باب التلاعب بالعقل ، والدين.
__________________
(١) فى ب (ما ظهر فيه من اللاهوت).
(٢) انظر ل ١١٥ / أ ، ب.
(٣) فى أ (سبق) انظر ل ٢١١ / ب وما بعدها.
(٤) انظر ل ٣٨ / ب.