فلئن قلتم : دليل تصور ذلك من خمسة أوجه :
الأول : هو أنا لو قدرنا انفراد كل واحد صح تعلق إرادته (١) بالحركة ، أو السكون (١) ؛ فلو امتنع ذلك حالة الاجتماع ؛ لانقلب الجائز مستحيلا ؛ وهو ممتنع.
الثانى : هو أن صحة إرادة كل واحد منهما بالحركة ، أو السكون حالة الانفراد أزلية ؛ فوجب القول ببقاء هذه الصحة حالة الاجتماع ؛ لأن الأزلى لا يزول.
الثالث : هو أن زوال الصحتين حالة الاجتماع إنما يتصور أن لو تنافيا ، وإذا تنافيا ؛ فلا بد وأن تزول كل واحدة من الصحتين بالأخرى ؛ وذلك محال ؛ لأن المؤثر فى عدم كل واحدة من الصحتين إنما هو وجود الأخرى لا عدمها ، ووجود العلة واجب عند حصول المعلول ، فلو عدمت الصحتان معا ؛ لحصلتا معا ؛ وهو محال.
وهذا المحال إنما لزم من زوال الصحتين حالة الاجتماع ؛ فكان محالا.
الرابع : هو أن صحة تعلق إرادة كل واحد منهما بالحركة ، أو السكون حالة الانفراد ثابتة لنفس الإرادة وذاتها ، فلو امتنع ذلك حالة الاجتماع ؛ لزم منه قلب الحقيقة وإثبات نفس الإرادة مع انتفاء صفة نفسها ؛ وهو محال.
الخامس : هو أنه لو امتنع حالة الاجتماع ما كان جائزا حالة الانفراد من صحة تعلق إرادة كل واحد منهما بالحركة ، أو السكون لم يخل : إما أن يكون ذلك لنفس إرادة المريد ، أو لنفس ذاته ، أو لصفة أخرى من صفاته ، وإما لذات القديم الآخر ، أو لإرادته ، / أو لصفة من صفاته.
لا جائز أن يقال بامتناع تعلق إرادة أحدهما بالحركة ، أو السكون لذاته ، ولا لنفس إرادته ، ولا لصفة من صفاته ؛ وإلا لما تصور أن يكون تعلقها بذلك حالة الانفراد ؛ لتحقق المانع.
ولا جائز أن يقال : بأن الامتناع لذات القديم الآخر ، ولا لإرادته ، ولا لصفة من صفاته. فإن (٢) ثبوت حكم للذات (٣) لا يكون إلا بما هو مختص بالذات اختصاص (٤) قيامه بها لا بما هو خارج عنها.
__________________
(١) فى ب (الإرادة بالحركة والسكون).
(٢) فى ب (لأن).
(٣) فى ب (الذات).
(٤) فى ب (باختصاص).