ولهذا فإنه لا يصح أن تكون الذات عالمة بعلم قائم بغيرها ؛ بل بها.
فلقائل (١) أن يقول (١) : ما ذكرتموه مندفع :
أما الوجه الأول : فلأنا لا نسلم أن ما أحلناه حالة الاجتماع هو ما كان جائزا فى نفسه ؛ فإن ما كان جائزا : إنما هو التعلق حالة الانفراد مشروطا بحالة الانفراد ، ولم يزل جائزا على هذا الوجه ، والمحال حالة الاجتماع لم يزل محالا مشروطا بحالة الاجتماع ، فلا الجائز انقلب محالا ، ولا المحال انقلب جائزا ؛ ولهذا فإنا لو قدرنا انفراد أحدهما صح منه إرادة حركة الجوهر بدلا عن إرادة سكونه ، وكذلك بالعكس.
ومع هذا فقد أجمعنا على استحالة تعلق إرادته بالحركة ، والسكون معا ، ولو لم يكن للإحالة لما كان جائزا ؛ فكذلك ما نحن فيه.
وأما الوجه الثانى : فعنه جوابان :
الأول : لا نسلم امتناع زوال كل أزلى إلا أن يكون وجوديا ، ولهذا فإن عدم العالم قبل وجوده أزلى ، ويزول بحدوث العالم ، فلم قلتم بأن صحة التعلق وجودية؟ وبيان أنها غير وجودية أن معنى الصحة يرجع إلى الإمكان ، والإمكان عدمى ، على ما سبق فى مسألة الرؤية.
الثانى : وإن سلمنا أن صحة التعلق وجودية أزلية ؛ ولكن لا نسلم أن ما كان جائزا زائل ؛ إذ الجائز إنما هو صحة التعلق مشروطا بحالة الانفراد ؛ وهو غير زائل على ما تقدم.
وأما الوجه الثالث : فهو (٢) منقوض (٢) بامتناع صحة تعلق إرادة الإله المنفرد بالحركة ، والسكون معا ، وإن كان تعلق إرادته بكل واحد منهما على البدل جائزا. وبه (٣) يندفع ما ذكرتموه من الوجه الرابع ، والخامس (٣).
وعلى هذا فموقع السؤال المذكور صعب جدا. وعسى أن يكون عند غيرى جوابه.
وقد ترد (٤) أسئلة أخر (٤). يقرب الانفصال عنها ، وهى أن يقال فى تقرير منع الاختلاف بينهما فى الإرادة. هو (٥) أن (٥) ما يريده الإله : إما أن يكون أولى من عدم إرادته ، أو أن عدم الإرادة أولى ، أو أنه لا أولوية لأحدهما.
__________________
(١) فى ب (فنقول).
(٢) فى ب (فمنقوض).
(٣) فى ب (وبهذا يندفع ما ذكروه من الوجه الخامس والرابع).
(٤) فى ب (ترد عليه أسئلة أخرى).
(٥) فى ب (أو لأنه).