أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللهُ افْتِراءً عَلَى اللهِ) (١).
فإذا كل من ابتدع في دين الله فهو ذليل حقير بسبب بدعته وإن ظهر لبادي الرأي في عزه وجبريته فهم في أنفسهم أذلاء ، وأيضا فإن الذلة الحاضرة بين أيدينا موجودة في غالب الأحوال ، ألا ترى أحوال المبتدعة في زمان التابعين ، وفيما بعد ذلك؟ حتى تلبسوا بالسلاطين ولاذوا بأهل الدنيا ، ومن لم يقدر على ذلك استخفى ببدعته وهرب بها عن مخالطة الجمهور ، وعمل بأعمالها على التّقيّة.
وقد أخبر الله أن هؤلاء الذين اتخذوا العجل سينالهم ما وعدهم فأنجز الله وعده ، فقال : (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ) (٢) ، وصدق ذلك الواقع باليهود حيثما حلوا في أي مكان وزمان كانوا لا يزالون أذلاء مقهورين : (ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) (٣). ومن جملة الاعتداء اتخاذهم العجل ، هذا بالنسبة إلى الذلة ، وأما الغضب فمضمون بصادق الأخبار ، فيخاف أن يكون المبتدع داخلا في حكم الغضب والله الواقي بفضله.
وأما البعد عن حوض رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فلحديث الموطأ : «فليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال ...» (٤) الحديث. وفي البخاري ، عن أسماء ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «أنا على حوضي أنتظر من يرد عليّ ، فيؤخذ بناس من دوني ، فأقول : أمتي! فيقال : إنك لا تدري ، مشوا القهقرى» (٥). وفي حديث عبد الله : «أنا فرطكم على الحوض فليرفعن إليّ
__________________
(١) سورة : الأنعام ، الآية : ١٤٠.
(٢) سورة : البقرة ، الآية : ٦١.
(٣) سورة : البقرة ، الآية : ٦١.
(٤) أخرجه الإمام مالك في الموطأ في كتاب : الطهارة ، باب : جامع الوضوء (١ / ٢٨).
(٥) أخرجه البخاري في كتاب : الفتن ، باب : ما جاء في قول الله تعالى : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً). وأخرجه مسلم في كتاب : الطهارة ، باب : استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء (الحديث : ٢٤٩). وأخرجه مالك في الموطأ في كتاب : الطهارة ، باب : جامع الوضوء (١ / ٢٨ ، ٣٠). وأخرجه النسائي في كتاب الطهارة ، باب : حلية الوضوء (١ / ٩٣ ، ٩٥). وأخرجه ابن ماجه في كتاب : الفتن ،