وأما اسوداد وجهه في الآخرة فقد تقدم في ذلك معنى قوله : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) (١) ، وفيها أيضا الوعيد بالعذاب لقوله : (فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) (٢) ، وقوله قبل ذلك : (وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٣).
حكى عياض عن مالك من رواية ابن نافع عنه قال : لو أن العبد ارتكب الكبائر كلها دون الإشراك بالله شيئا ثم نجا من هذه الأهواء لرجوت أن يكون في أعلى جنات الفردوس ، لأن كل كبيرة بين العبد وربه هو منها على رجاء ، وكل هوى ليس هو منه على رجاء إنما يهوي بصاحبه في نار جهنم.
وأما البراءة منه ففي قوله : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) (٤). وفي الحديث : «أنا بريء منهم وهم برآء مني» (٥).
وقال ابن عمر رضي الله عنه في أهل القدر : إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم برآء مني.
وجاء عن الحسن : لا تجالس صاحب بدعة فإنه يمرض قلبك.
وعن سفيان الثوري : من جالس صاحب بدعة لم يسلم من إحدى ثلاث : إما أن يكون فتنة لغيره ، وإما أن يقع بقلبه شيء يزل به فيدخله النار ، وإما أن يقول : والله لا أبالي ما تكلموا به ، وإني واثق بنفسي ، فمن يأمن بغير الله طرفة عين على دينه سلبه إياه.
وعن يحيى بن أبي كثير قال : إذا لقيت صاحب بدعة في طريق فخذ في طريق آخر.
__________________
(١) سورة : آل عمران ، الآية : ١٠٦.
(٢) سورة : آل عمران ، الآية : ١٠٦.
(٣) سورة : آل عمران ، الآية : ١٠٥.
(٤) سورة : الأنعام ، الآية : ١٥٩.
(٥) أخرجه أبو داود في كتاب : الأدب ، باب : من يؤمر أن يجالس (الحديث : ٤٨٣٣). وأخرجه الترمذي في كتاب : الزهد ، باب : (٤٥) (الحديث : ٢٣٧٩) وقال : إسناده حسن.