هو قد ذكر الجهنميين ، قال : فقلت له : يا صاحب رسول الله ، ما هذا الذي تحدثون؟ والله يقول : (إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) (١) ، و (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها) (٢) ، فما هذا الذي تقولون؟ قال : فقال : أفتقرأ القرآن؟ قلت : نعم ، قال : فهل سمعت بمقام محمد صلىاللهعليهوسلم؟ ـ يعني : الذي يبعثه الله فيه ـ قلت : نعم ، قال : فإنه مقام محمد صلىاللهعليهوسلم المحمود الذي يخرج الله به من يخرج من النار. قال : ثم نعت (٣) وضع الصراط ومر الناس عليه ، قال : وأخاف ألّا أكون أحفظ ذلك ، قال : غير أنه قد زعم أن قوما يخرجون من النار بعد أن يونوا (٤) فيها ، قال : يعني : فيخرجون كأنهم عيدان السماسم ، فيدخلون نهرا من أنهار الجنة فيغتسلون فيه فيخرجون كأنهم القراطيس ، فرجعنا وقلنا : ويحكم! أترون الشيخ يكذب على رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فرجعنا فلا والله ما خرج منا غير رجل واحد ، أو كما قال.
ويزيد الفقير من ثقات أهل الحديث ، وثقه ابن معين ، وأبو زرعة. وقال أبو حاتم : صدوق ، وخرّج عنه البخاري.
وعبيد الله بن الحسن العنبري كان من ثقة أهل الحديث ، ومن كبار العلماء العارفين بالسنّة ، إلا أن الناس رموه بالبدعة بسبب قول حكي عنه من أنه كان يقول : بأن كل مجتهد من أهل الأديان مصيب ، حتى كفّره القاضي أبو بكر وغيره. وحكى القتيبي عنه كان يقول : إن القرآن يدل على الاختلاف فالقول بالقدر صحيح وله أصل في الكتاب ، والقول بالإجبار صحيح وله أصل في الكتاب ، ومن قال بهذا فهو مصيب لأن الآية الواحدة ربما دلت على وجهين مختلفين.
وسئل يوما عن أهل القدر وأهل الاجبار ، قال : كلّ مصيب ، هؤلاء قوم عظموا الله ، وهؤلاء قوم نزهوا الله. قال : وكذلك القول في الأسماء ، فكل من سمى الزاني مؤمنا فقد أصاب ، ومن سماه كافرا فقد أصاب ، ومن قال هو فاسق وليس بمؤمن ولا كافر فقد أصاب ، ومن قال هو كافر وليس بمشرك فقد أصاب لأن القرآن يدل على كل هذه المعاني. قال :
__________________
(١) سورة : آل عمران ، الآية : ١٩٢.
(٢) سورة : السجدة ، الآية : ٢٠.
(٣) نعت : وصف.
(٤) يونوا : يضعفوا ويفتروا.